الكرام الأفاضل، صلاة مستمرة بالغدوات والأصائل؛ خصوصا على عمّه وصنو أبيه العباس بن عبد المطلب الذى اشتهرت مناقبه في المجامع والمحافل؛ ودرّت ببركة الاستسقاء به أخلاف السحب الهواطل، وفاز من تنصيص الرسول على عقبه في الخلافة بما لم يفز به أحد من الأوائل.
والحمد لله الذى حاز مواريث النبوة والإمامة، ووفر جزيل الأقسام من الفضل والكرامة، لعبده وخليفته، ووارث نبيّه ومحيى شريعته، الذى أحله الله عز وجل من معارج الشرف والجلال في أرفع ذروة، وأعلقه من حسن التوفيق الإلهى بأمتن عصمة وأوثق عروه؛ واستخرجه من أشرف نجار وعنصر، واختصه بأزكى منحة وأعظم مفخر؛ ونصبه للمؤمنين علما، واختاره للمسلمين إماما وحكما؛ وناط به أمر دينه الحنيف، وجعله قائما بالعدل والإنصاف بين القوى والضعيف؛ إمام المسلمين، وخليفة رب العالمين؛ أبى جعفر المنصور المستنصر بالله أمير المؤمنين؛ ابن الإمام السعيد التقى، أبى نصر محمد الظاهر بأمر الله، ابن الإمام السعيد الوفى أبى العباس أحمد الناصر لدين الله، ابن الإمام السعيد أبى محمد المستضىء بأمر الله أمير المؤمنين، صلوات الله عليهم أجمعين، وعلى آبائه الطاهرين، الأئمة المهديين؛ الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون، ولقوا الله تعالى وهو عنهم راض، وهم عنه راضون.
وبعد، فبحسب ما أفاضه الله على أمير المؤمنين - صلوات الله عليه وسلامه - من خلافته في الأرض، وفوضه إلى نظره المقدس في الأمور من الإبرام والنقض، وما استخلصه له من حياطة بلاده وعباده، ووكله إلى شريف نظره ومقدس اجتهاده؛ لا يزال - صلوات الله عليه - يكلأ العباد بعين الرعاية، ويسلك بهم في المصالح العامة والخاصة مذاهب الرشد وسبل