الحق المتلف بأنه دين وقد أعجز، وأكل رزق اليوم وتسميته منسوبا إلى أمسه، وإخراج المعتدّ لسنة هلاله إلى حساب المعتدّ إلى سنة شمسه.
وكان الله تعالى قد أجرى أمر هذه الأمة على تاريخ منزّه عن اللّبس، موقّر عن الكبس، وصرّح كتابه العزيز بتحريمه، وذكر ما فيه من تأخير وقت النّسىء وتقديمه، والأمّة المحمدية لا ينبغى أن يدركها الكسر، كما أن الشمس لا ينبغى أن تدرك القمر، وسننها بين الحق والباطل فارقة، وسنتها أبدا سابقة، والسّنون بعدها لاحقة، يتعاورها الكسر الذى يزحزح أوقات العبادات عن مواضعها، ولا يدرك عملها إلا من دقّ نظره، واستفرغت في الحساب فكره، والسنة العربية تقطع بخناجر أهلّتها الاشتباه، وتردّ شهورها حالية بعقودها موسومة الجباه، وإذا تقاعست السنة الشمسية عن أن نطأ أعقابها، وتواطى حسابها، اجتذبت قراها قسرا، وأوجبت لحقّها ذكرا، وتزوجت سنة الشمس سنة الهلال وكان الهلال بينهما مهرا؛ فسنتهم المؤنثة وسنتنا المذكّرة، وآية الهلال هنا دون آية الليل هى المبصرة، وفى السنة العربية إلى ما فيها من عربية الإفصاح وراحة الإيضاح الزيادة التي تظهر في كل ثلاث وثلاثين سنة توفى على عدد الأمم قطعا، وقد أشار الله إليها بقوله:
({وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَاِزْدَادُوا تِسْعاً.}) وفى السنة الزائدة زيادة، من لطائف السعادة، ووظائف العبادة، لأن أهل ملّة الإسلام يمتازون على كل ملة بسنة في نظير تلك المدة قصدوا صلاتها، وأدّوا زكاتها، وحجّوا فيها البيت العتيق الكريم، وصاموا فيها الشهر العظيم، واستوجبوا فيها الأجور الجليلة، وأنست فيها أسماعهم بالأعمار الطويلة، ومخالفوهم فيها قد عطلت