للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد تسييرهم مبادرا ليسبق خبرهم ويكبسهم، فقطع مسيرة أربعة أشهر، ووصل إلى بيوتهم، فلم ير فيها إلا النساء والصبيان والأثقال، فأوقع بهم وسبى الذرية والنساء. وكان سبب غيبتهم عن بيوتهم أنهم قصدوا ملكا من الترك يقال له كشليخان (١)، فقاتلوه وهزموه وغنموا أمواله، فعادوا فوصل إليهم - وهم راجعون - الخبر بما فعل خوارزم شاه ببيوتهم، فجدوا في السير، فأدركوه قبل أن يخرج من بيوتهم، وتصافوا للحرب، واقتتلوا ثلاثة أيام بلياليها، فقتل من الفريقين ما لا يحصى. واستنفد الطائفتان وسعهم في الصبر والقتال، ولم يحضر هذه الحرب جنكزخان بل حضرها إبنه. وأحصى من قتل من المسلمين فكانوا عشرين ألفا، وقتل من التتر ما لا يحصى كثرة.

وفى الليلة الرابعة افترقوا، ونزل بعضهم مقابل بعض، ولما أظلم الليل أوقد التتر نيرانهم وتركوها بحالها وساروا، وكذلك فعل المسلمون لأنهم سئموا القتال هم والتتر.

وعاد التتر إلى ملكهم جنكزخان، وعاد المسلمون إلى بخارا [ولم يعلموا بحديث التتر وهروبهم (٢)]. واستعد خوارزم شاه للحصار لعلمه بعجزه عن التتر، لأن طائفة منهم لم تقدر على الظفر بهم، فكيف إذا جاءوا بجمعهم مع ملكهم. فتقدم [علاء الدين خوارزم شاه (٣)] إلى أهل بخارا وسمرقند بالأستعداد للحصار، وجمع الذخائر للأمتناع، وجعل في بخارا عشرين الف (٤) فارس يحفظونها، وفى سمرقند خمسين الفا وقال لهم: «احفظوا البلاد حتى أعود إلى خوارزم وخراسان، وأجمع العساكر وأعود اليكم». ورحل نحو خراسان فعبر نهر جيحون، ونزل بالقرب من بلخ فعسكر هنا لك.


(١) كذا في نسختى المخطوطة وفى ابن الاثير (ج ١٢، ص ٣٦٤) «كشلوخان».
(٢) ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(٣) ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(٤) في نسخة س «ثلاثين ألف» والصيغة المثبتة من نسخة م ومن ابن الأثير، (الكامل، ج ١٢، ص ٣٦٥ (حوادث ٦١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>