للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت هكذا ذكر عز الدين بن الأثير (١)، وسمعت من جماعة أن عسكره كان كفوا للقائهم، وانما كان فيه جماعة نياتهم فاسدة، وجماعة من الملوك وأبناء الملوك الذين أزال ممالكهم فهم موغروا الصدور عليه، [وعلم بذلك (٢)] فخاف أن يسلموه ولا يناصحوه في الحرب. واستعدت التتر وعبروا بجموعهم نهر سيحون ومعهم ملكهم جنكزخان، ووصلوا إلى بخارا بعد خمسة أشهر، وحصروها ثلاثة أيام، فلم يكن للعسكر الخوارزمى بهم طاقة ففارقوا البلد ليلا [٨٥ ا] ومضوا إلى خراسان.

وأصبح أهل البلد وليس عندهم من العسكر إلا القليل، فضعفت قلوبهم [عند ذلك (٣)] فأرسلوا قاضى البلد وهو بدر الدين بن قاضى خان - رحمه الله - ليطلب الأمان للناس، فأعطوهم الأمان. وكان بقى في البلد بعض العسكر لم يمكنهم الهرب، فاعتصموا بالقلعة. وفتحت أبواب بخارا للتتر يوم الثلاثاء رابع ذى الحجة من هذه السنه، أعنى سنة ست عشرة وستمائة، فدخلها التتر ولم يتعرضوا أولا لأحد بل قالوا: «كل ما عند كم للسلطان من ذخيرة وغيره أخرجوه إلينا، وساعدونا على قتال من بالقلعة [من الجند] (٤)»، وأظهروا العدل وحسن السيرة. ودخل جنكزخان وأحاط بالقلعة ونودى في البلد «من تخلف عن مساعدتنا قتل». فحضر جميعهم وأمرهم بسد الخندق، فطموه بالأخشاب والتراب وغير ذلك حتى بمنبر (٥) الجامع وربعات القرآن المجيد.


(١) استعان ابن واصل بما ذكره ابن الأثير عند تأريخه لهذه الأحداث؛ انظر، (الكامل ج ١٢ ص ٣٦١ وما بعدها (حوادث سنة ٦١٧).
(٢) ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(٣) ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(٤) ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(٥) في الأصل «منابر» والصيغة المثبتة من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>