للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دفع التتر عن البلاد، ليجتمعوا إذا انحسر الشتاء. وكذلك راسلوا (١) الملك الأشرف بن الملك العادل. وظنوا جميعهم أن التتر يصبرون إلى زمن الربيع، فلم يفعلوا وساروا إلى بلد الكرج. وانضاف اليهم مملوك لأزبك يسمى آقوش، وجمع من المفسدين من أهل تلك الجبال من التركمان والأكراد وغيرهم، وساروا في مقدمة التتر إلى الكرج، ففتحوا حصنا من حصونهم، وخربوا البلاد ونهبوها، وقتلوا أهلها، وسبوا ما لا يحصى حتى قربوا من تفليس.

فخرجت إليهم جموع الكرج في حدها وحديدها، فلقيتهم التتر فيمن اجتمع إليهم واقتتلوا قتالا شديدا. فقتل من أصحاب آقوش خلق كثير، وأدركتهم التتر وقد تعبت الكرج من القتال، فانهزموا من التتر أقبح هزيمة، وركبتهم السيوف من كل جانب، فقتل منهم ما لا يحصى كثرة، وكان ذلك في ذى القعدة سنة سبع عشرة وستمائة.

ثم قصدوا في أوائل سنة ثمانى عشرة وستمائة توريز (٢)، فصانعهم أهلها بمال وثياب ودواب. فقصدوا مراغة وصاحبتها إمرأة مقيمة بقلعة رويندز (٣)، فنصبوا على مراغه المجانيق وحاصروها عدة أيام، وبين أيديهم أسارى المسلمين يزحفون إليها [٨٧ ا]، وهذه عادتهم أبدا في حروبهم. ثم ملكوا مراغه رابع صفر من السنة، ووضعوا السيف في أهلها، فقتلوا منهم ما لا يحصى كثرة، وأحرقوا البلد، ورمى الله تعالى الخذلان العظيم في المسلمين. فذكر


(١) في نسخة س وفى ابن الأثير (الكامل، ج ١٢، ص ٣٧٥) «أرسلوا إلى».
(٢) في نسختى المخطوطة «توريز»، وتوريز هو الأسم الذى كان جاريا على ألسنة العامة للدلالة على مدينة تبريز أشهر مدن أذربيجان، انظر، القلقشندى، ج ٤، ص ٣٥٧.
(٣) في نسخة م «روندز»، وفى نسخة س «رويدن»، والصيغة المثبتة من ابن الأثير، الكامل، ج ١٢، ص ٣٧٧ (حوادث ٦١٧)، وياقوت (معجم البلدان)، وقد ذكر الأخير أن رويندز قلعة حصينة من أعمال أذربيجان قرب تبريز.

<<  <  ج: ص:  >  >>