للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسار مغاضبا. فبينما هم كذلك (١) إذ ورد الخبر بوصول جنكزخان في جموعه.

فلما رأى جلال الدين ضعف المسلمين لأجل من فارقهم من العسكر، لم يقدر على المقام، فسار نحو بلاد الهند، فوصل إلى ماء السند، وهو نهر كبير، فلم يجد من السفن ما يعبر فيه. وكان جنكزخان يقتص أثره مسرعا، فلم يتمكن جلال الدين من العبور حتى أدركه جنكزخان في التتر، فتصافوا للقتال، واقتتلوا قتالا كثيرا [٩١ ب] حتى قيل أن ما مضى من الحروب قبله كان لعبا بالنسبة إليه. ودام هذا القتال ثلاثة أيام، وقتل من الفريقين خلق كثير، وممن قتل فيه ملك خان المقدم ذكره، وكان القتل في التتر أكثر والجراح أعظم، فرجع التتر وأبعدوا ونزلوا [على بعد (٢)].

ولما رأى المسلمون أنه لا مدد لهم، وأنهم لا يزدادوا إلا ضعفا، أرسلوا يطلبون السفن فوصلت إليهم فعبروا بها ذلك النهر. ولم يعلموا بما أصاب التتر من الجراح والقتل، ولو علموا بذلك لرجعوا إليهم، وكانوا ربما انتصروا عليهم، لكن إذا أراد الله أمرا هيأ أسبابه. ولما عبر جلال الدين النهر ومن معه [من العساكر (٣)] وتوجهوا إلى الهند، قدم التتر إلى غزنة، وملكوها لوقتها لخلوها عن من يحامى عنها، وقتلوا [أهلها (٤)] ونهبوا وسبوا الحريم، ولم يبقوا على أحد. ثم أحرقوها فأصبحت {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ (٥)}».


(١) في الأصل «فانهم لكذلك» والصيغة المثبتة من نسخة س ومن ابن الأثير (الكامل، ج ١٢، ص ٣٩٧).
(٢) اضيف ما بين الحاصرتين للتوضيح من ابن الأثير (الكامل، ج ١٢، ص ٣٩٧)؛ عن المصاف بين جلال الدين وبين جنكزخان على حافة ماء السند انظر، النسوى (سيرة السلطان جلال الدين، ص ١٥٨ - ١٥٩).
(٣) اضيف ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(٤) في نسختى المخطوطة «بها» والصيغة المثبتة من ابن الأثير، الكامل، ج ١٢ ص ٣٩٧.
(٥) القرآن الكريم، سورة يونس، آية ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>