الأشرف، وأعطاه ميافارقين وحانى، وسلم إليه بلاد خلاط جميعها؛ وهى مملكة عظيمة تضاهى ملك مصر، وجعله ولى عهده في الملك؛ فان الملك الأشرف لم يكن له ولد ذكر. فقدم الملك المظفر شهاب الدين (١) بلاد خلاط في أوائل سنة ثمان عشرة وستمائة.
وكان السبب في تسليم الملك الأشرف هذه البلاد إليه أن التتر لما قصدوا بلاد الكرج، وهزموهم ونهبوا بلادهم، وقتلوا كثيرا من أهلها، أرسل الكرج إلى أزبك بن البهلوان، صاحب بلاد أذربيجان وأرّان، يطلبون منه المهادنة ودفع التتر عن البلاد. وأرسلوا إلى الملك الأشرف في هذا المعنى، وقالوا للجميع «إن لم توافقونا على قتال التتر ودفعهم عن البلاد، وتحضروا بنفوسكم وعساكركم لهذا المهم، وإلا صالحناهم عليكم». فوصلت رسلهم إلى الملك الأشرف وهو يتجهز للمسير إلى نجدة أخيه السلطان الملك الكامل، ليدفع الفرنج عن الديار المصرية. وكان ذلك عنده أهم الوجوه، لأمور:
أحدها أن الفرنج ملكوا ثغر دمياط، وقد أشرفت الديار المصرية على أن تملك، ولو ملكت لم يبق بالشام ولا غيره معهم ملك لأحد.
وثانيها: أن الفرنج أشد شكيمة من التتر، وطالبوا ملك وإقامة ملة، وإذا ملكوا قرية لا يفارقونها إلا بعد العجز عن حفظها يوما واحدا.
وثالثها: أن الفرنج قد طمعوا في كرسى مملكة البيت الأيوبى؛ وهو مصر. والتتر لم يجاوزوا بلاد العجم، وليس غرضهم إلا النهب والقتل وتخريب البلاد، والإنتقال من بلد إلى آخر.
(١) في نسخة م «الملك الأشرف» والصيغة المثبتة من س، انظر أيضا ابن الأثير (ج ١٢، ص ٣٩٨).