للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوتها، وما بلغه من إستيلاء الملك الأشرف على خلاط. فرحل [مظفر الدين (١)] عائدا إلى بلده وأقام بالزاب.

وكان الملك الأشرف قد استدعى عسكر حلب فسار إليه عسكر قوى فيهم سيف الدين قلج وعلم الدين قيصر وحسام الدين بلدق، وسار بالعساكر إلى خلاط ومعه (٢) مع عسكر حلب عساكر الجزيره وعسكر الموصل.

ولما قرب من خلاط خافه أخوه الملك المظفر، ولم يكن له قوة على لقائه ومحاربته، ففرق عساكره في البلاد لتحصينها، وانتظر أن يسير مظفر الدين صاحب إربل إلى ما يجاوره من الموصل وسنجار، وأن يسير أخوه الملك المعظم إلى بلاد الملك الأشرف فيضطر حينئذ الملك الأشرف إلى العود عنه.

فلم يحصل له ما تمناه من ذلك. وحصر الملك الأشرف خلاط، وكان أهل البلد يحبونه لعدله وحسن سيرته وفرط كرمه وسوء سيرة الملك المظفر شهاب الدين. فلما نازلها الملك الأشرف سلمها أهلها إليه يوم الأثنين ثانى عشر جمادى الآخرة من هذه السنة، وامتنع الملك المظفر بالقلعة. فلما جن الليل نزل إلى أخيه الملك الأشرف معتذرا إليه، فعاتبه الملك الأشرف ولم يعاقبه على ما ارتكب من عصيانه، وأبقى عليه ميافارقين. وهذه مكرمة للبيت الأيوبى لم يكن مثلها لأحد من الملوك قبلهم، فإن من كان قبلهم، وخصوصا آل سلجوق، كان إذا ظفر [أحد (٣)] منهم بأخيه أو ابن عمه الخارج عليه لا يبقيه أصلا، بل إما أن يوسطه بالسيف أو يخنقه بوتر القوس، وأحسن أحواله أن يعتقله ويضيق عليه إلى أن يموت كمدا. وسيأتى من أخبار هذا البيت ما يؤكد ما ذكرناه. ثم


(١) ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(٢) في نسخة س «وتبعه».
(٣) ما بين الحاصرتين مذكور في هامش نسخة م وفى نسخة س «أحدهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>