للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما مات الملك الصالح، وجرى لريدافرنس ما جرى من هلاك عسكره واستئصالهم، وأسر الملك المعظم تورانشاه بن الملك الصالح له، ثم خلاصه من الأسر بعد قتل الملك المعظم ورجوعه إلى بلاده، بعث الأنبرطور إليه (١) يذكره نصحه له، وما جرّ عليه لجاجه (٢) ومخالفته، ويعنفه على ذلك. وتوفى الأنبراطور في تلك السنة، وهى سنة ثمان وأربعين وستمائة، بعد موت الملك الصالح بسنة. وولى بعده ولده (٣) كرا ثم مات كرا وولى أخوه منفريدا، وهؤلاء كلهم كانوا ممقوتين عند البابا خليفة الفرنج صاحب رومية، لميلهم إلى المسلمين، وجرى بين منفريدا والبابا حرب انتصر فيها منفريدا.

وتوجهت (٤) رسولا إلى منفريدا من جهة الملك الظاهر ركن الدين بيبرس - رحمه الله - في شهر رمضان سنة تسع وخمسين وستمائة، فأقمت عنده مكرما بمدينة من مدائن أنبوليه في البر الطويل، المتصل ببر أندلس. واجتمعت به مرارا، ووجدته متميزا ومحبا للعلوم العقلية، يحفظ عشر مقالات من كتاب أو قليدس في الهندسة. وبالقرب من البلد الذى كنت نازلا به مدينة تسمى لوجاره أهلها كلهم مسلمون من أهل جزيرة صقلية، تقام فيها الجمعة، ويعلن بشعار الإسلام، وهى على هذه الصفة من عهد أبيه الأنبرطور. وكان منفريدا قد شرع في بناء دار علم بها، ليشتغل فيها بجميع أنواع العلوم النظرية. ووجدت أكثر أصحابه الذين يتولون أموره الخاصة به مسلمين. ويعلن في معسكره بالأذان والصلاة.


(١) أي إلى لويس التاسع ملك فرنسا.
(٢) لج في الأمر تمادى عليه وأبى أن ينصرف عنه، انظر ابن منظور، لسان العرب، ج ٣، ص ١٧٧.
(٣) يقصد كونراد الرابع الذى توفى سنة ١٢٥٤ م.
(٤) أي ابن واصل مؤلف الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>