للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما قبض على الملك العادل وولى أخوه الملك الصالح نجم الدين أيوب استمر الأمر على ذلك. وأرسل إليه الملك الصالح الشيخ العلامة سراج الدين الأرموى الذى هو قاضى قونية من بلاد الروم الآن. وأقام سراج الدين عنده مكرما مدة، وصنف له كتابا في المنطق، وأحسن إليه الأنبرطور إحسانا كبيرا.

وعاد سراج الدين إلى الملك الصالح مكرما.

ولما قصد ريدا فرنس (١) - وهو من أكبر ملوك الفرنج - الديار المصرية سنة سبع وأربعين وستمائة، بعث إليه الأنبراطور ينهاه عن ذلك، ويخوفه ويحذره عاقبة الأمر، فلم يقبل منه. فحكى لى سرنرد وهو مهمنددار (٢) منفريد (٣) ابن الأنبراطور قال: «أرسلنى [١٤٥ ب] الأنبراطور في السر إلى الملك الصالح نجم الدين لأعرفه عزم قصد ريدافرنس على الديار المصرية وأحذره منه، وأشير عليه بالاستعداد له. فاستعد له الملك الصالح، ورجعت إلى الأنبراطور، وكان ذهابى إلى مصر ورجوعى في زى تاجر (٤). ولم يشعر أحد باجتماعى بالملك الصالح خوفا من الفرنج أن يعلموا ممالأة الأنبراطور للمسلمين عليهم».


(١) في المخطوطة «ريدافريس» والصيغة الصحيحة هى المثبتة، انظر مايلى وكذلك المقريزى (السلوك، ج ١ ص ٣٣٣)؛ والمقصود به الملك لويس التاسع ملك فرنسا.
(٢) يقصد ابن واصل ذلك الموظف الذى كان يقوم في الدولة الرومانية المقدسة بعمل شبيه لعمل المهمندار في دولتى الأيوبيين والمماليك وهو الذى كان يتلقى الرسل الواردين على السلطان وينزلهم دار الضيافة، ويتحدث في القيام بأمرهم؛ انظر القلقشندى، صبح الأعشى، ج ٤ ص ٢٢، ج ٥ ص ٤٥٩.
(٣) يقصد ما نفردبن فردريك الثانى ملك صقلية (١٢٥٨ - ١٢٦٦ م).
(٤) ورد في المقريزى (الخطط، ج ١ ص ٢١٩): «ونزل [الملك الصالح نجم الدين أيوب] بقلعة دمشق فورد عليه رسول الإمبراطور ملك الفرنج الألمانية بجزيرة صقلية في هيئة تاجر وأخبره سرا بأن بواش الذى يقال له رواد فرنس عازم على المسير إلى أرض مصر وأخذها». انظر أيضا لتفصيل ذلك، سعيد عاشور، الإمبراطور فردريك الثانى والشرق العربى (المجلة التاريخية المصرية مجلد ١١ سنة ١٩٦٣) ص ٢١٢ - ٢١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>