وإذا كان ابن واصل قد استهدف من كتابه مفرج الكروب أن يكون قبل أي اعتبار آخر سجلا لأخبار بنى أيوب؛ فإننا نلمس في هذا الجزء عنايته الخاصة باستقصاء وتسجيل أخبار المعاصرين من أمراء الأيوبيين، وما كان بينهم وبين بعض من صلات وروابط تفاوتت بين الزواج والمصاهرة والتحالف والمودة حينا وبين الخلاف والوحشة والعداء والحرب أحيانا. والحق إن ابن واصل نجح في أن يجعل كتابه مفرج الكروب المصدر الأول لأخبار بنى أيوب في تلك الفترة القلقة من تاريخ الشرق الأدنى، وهو المصدر الذى اعتمد عليه ونقل منه معظم من أرخوا لتلك الحلقة من تاريخ الشرق الأدنى من المؤرخين اللاحقين. وساعد ابن واصل فيما حققه من نجاح الصلات القوية التي ربطته بكثير من أمراء البيت الأيوبى، حتى أن بعضهم - كما يقول ابن واصل نفسه في حوادث سنة ٦٣٤ هـ - كان"يؤثر كثيرا مقامى عنده". وقد أدى ذلك إلى اختيار ابن واصل عضوا في بعض السفارات مثل السفارة التي أرسلها المظفر الأيوبى صاحب حماة إلى الخليفة المستعصم بالله العباسى، والتي أشار إليها ابن واصل في أحداث سنة ٦٤١ هـ.
وإذا ذكرنا أن هذا الجزء الخامس يعالج أخبار الفترة الواقعة بين سنتى ٦٢٩ هـ، ٦٤٥ هـ، فإنه علينا أن نشير إلى أن هذه الفترة تمثل مرحلة الشباب والطموح والوعى في حياة ابن واصل، إذ تراوح عمره فيها بين الخامسة والعشرين والحادية والأربعين، مما أهله لأن يكون جليسا للرجال، صديقا للكبار، ندا لأرباب المسئولية. وهكذا نراه يشير إلى أن بعض الأحداث التي رواها في هذا الجزء شاهدها بنفسه، والبعض الآخر استقاه من كبار الملوك والأمراء وصانعى التاريخ الذين جالسهم في ذلك الدور مثل السلطان الملك المنصور ابراهيم صاحب