للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحب الحصن فقال له ندماؤه وخواصه: «على أي شئ عزمت (١)؟» فقال: «على القعود؛ فإن نور الدين قد تحشف (٢) من كثرة الصوم والصلاة، فهو كل يوم يلقى نفسه في وقعة، والناس معه في المهالك»؛ فوافقه أصحابه على هذا الرأى؛ فلما كان الغد أمر أصحابه بالتجهز للغزاة، فقال له أصحابه: «ما عدا مما (٣) بدا؟ فارقناك بالأمس على حال ونرى منك اليوم على (٤) ضدها»؛ فقال: «اعلموا أن نور الدين قد سلك معى طريقا إن لم أنجده خرج أهل بلادى عن طاعتى، وأخرج البلاد عن يدى، فإنه قد كاتب زهّادها وعبّادها يذكر لهم ما لقى المسلمون (٥) من الفرنج وما نالهم من القتل والأسر، ويستمدهم الدعاء، وطلب منهم أن يحثّوا المسلمين على الغزاة؛ [٨٩] وقد قعد (٦) كل واحد منهم ومعه أصحابه وأتباعه يقرأون كتب نور الدين ويبكون، ويلعنونى ويدعون علىّ، ولا بد من المسير إليه» ثم إنه تجهز وسار إليه.

وأما صاحب ماردين فإنه سيّر إليه عسكرا [وكذلك سار إليه كل من كاتبه] (٧)، ولما اجتمعت العساكر عند نور الدين - رحمه الله - نازل حازم ونصب عليها المجانيق، فاجتمع من بقى في الساحل من الفرنج، وجاؤوا إليه في جموعهم، ومعهم بمند صاحب أنطاكية وابن جوسلين وغيرهما، وقصدوا نور الدين - رحمه الله - فرحل عن حارم إلى أرتاح، وطمع في أن يتبعوه فيتمكن منهم ببعدهم عن بلادهم


(١) في س (٢٧ ب): «قد عولت».
(٢) في س: (٢٧ ب): «نشف».
(٣) في س: «فيما».
(٤) في س: «الآن ضدها».
(٥) في الأصل وفى (س): «المسلمين».
(٦) في س (ص ٢٧ ب): «مدمعه» بدون نقط.
(٧) ما بين الحاصرتين زيادة عن س (ص ٢٧ ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>