للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا لقوه، فساروا ونزلوا على عمّ (١)، ثم علموا عجزهم عن لقائه، فعادوا إلى حارم، فتبعهم نور الدين في عساكره، فلما تقاربوا اصطفوا للقتال، فحمل الفرنج على ميمنة المسلمين - وفيها عسكر حلب وصاحب الحصن - فانهزموا، وتبعهم الفرنج، فأبعدوا عن راجلهم، فحينئذ عطف الأمير زين الدين على كوجك في عساكر الموصل على راجل الإفرنج فأفناهم قتلا وأسرا، فعادت خيّالتهم الذين ساقوا وراء المنهزمين خوفا على راجلهم، فلما عادوا عاد المنهزمون، وحملوا على الإفرنج، وأحدق المسلمون بهم من كل جانب، واشتدت الحرب، وقامت على ساق، فتمت الهزيمة على الفرنج، وأنزل الله سبحانه [وتعالى] نصره على المسلمين وأسر من الفرنج ما لا يحد، ومن جملة الأسرى: صاحب أنطاكية، والقومص صاحب طرابلس، وابن جوسلين؛ وقتل منهم ما يزيد على عشرة آلاف [فارس وراجل (٢)].

وسار نور الدين - رحمه الله - إلى حارم، فتسلمها لتسع بقين من رمضان من هذه السنة، - أعنى سنة تسع وخمسين وخمسمائة - وأشار عليه أصحابه بالمسير إلى أنطاكية ليملكها، لخلوها ممن يحميها ويدفع عنها، فامتنع، وقال: «أما المدينة فأمرها سهل، وأما القلعة فهى منيعة لا تؤخذ إلا بعد حصار طويل، وإذا ضيّقنا عليهم أرسلوا إلى صاحب القسطنطينية فيسلموها إليه، ومجاورة بيمند أحب إلينا من جوار ملك الروم». ثم أطلق نور الدين بيمند صاحب أنطاكية على أن يحمل أموالا كثيرة وأسرى من المسلمين أطلقهم.


(١) كذا في الأصل، وهى في س (٢٧ ب): «غم»، وعم قرية من أعمال حارم وتقع في منتصف الطريق تقريبا بين حلب وأنطاكية، انظر: (ياقوت: معجم البلدان) و (ابن الشحنة: تاريخ مملكة حلب، ص ١٦٧).
(٢) ما بين الحاصرتين زيادة عن س (ص ٢٨ ا).

<<  <  ج: ص:  >  >>