للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما وردت الأخبار بخروج الملك الصالح [نجم الدين أيوب (١)] من الاعتقال وتملكه الديار المصرية، نقله الملك الصالح [اسماعيل (٢)] إلى قلعة بعلبك، وجعله في ذلك الجب المظلم. وكان ينزل إليه في كل يوم بقليل خبز وبقل. وضيق عليه تضييقا عظيما. فحكى لى (٣) رحمه الله قال: «كنت أحسب في نفسى أنه ربما أمنع الطعام والشراب لأموت، فكنت أدّخر من الخبز والبقل المرتب في كل يوم شيئا قليلا، وكذلك من الماء الذى ينزل إلىّ كنت أجمعه في جرة طلبتها، فاجتمع عندى من ذلك شىء كثير، ثم أنه طين على الجب، ومنعت من الطعام والشراب فارتفقت بذلك الذى جمعته مدة إلى أن فتح الجب، وأنزل الىّ ما كان يجرى علىّ أولا إلى أن فرج الله سبحانه عنى». ولما جرى ما ذكرناه، أخرج.

ولما أخرج من الجب حمل إلى دمشق وترك في برج كان الملك المغيث معتقلا فيه. وأفرج عن الملك المغيث وأذن له في الركوب، فصار يركب ويعود إلى القلعة.

ثم أذن للأمير حسام الدين في الانتقال من القلعة، وأن يتجهز للمسير إلى الديار المصرية.

فخرج من البرج الذى كان فيه ومضى إلى مدرسة عز الدين أيبك المعظمى، التي على الشرق. وأطلق له ما كان أخذ منه وغلمانه، وكانوا قد احتيط عليهم في مدة اعتقاله. وخلع عليه، وأطلق له مال. وأفرج [٤٥ ا] عن جماعة من أصحاب الملك الصالح نجم الدين، كانوا في الاعتقال، منهم مجير الدين بن أبى زكرى.


(١) ما بين الحاصرتين للتوضيح.
(٢) ما بين الحاصرتين للتوضيح.
(٣) أي حكى لجمال الدين بن واصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>