للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واتفق لأيوب مع ولده صلاح الدين يوسف شبيه ما اتفق ليعقوب مع ابنه يوسف - عليهما السلام - حين قدم على ولده، ووجده متملكا للديار المصرية، وقال: {اُدْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ (١)}». وذكر أنه لما خرج ولده الملك الناصر صلاح الدين والخليفة العاضد إلى لقائه، واجتمعا به قرأ بعض المقرئين: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ (٢)}» - الآية -

ولما اجتمع صلاح الدين بأبيه سلك معه من الأدب ما جرت به عادته، وفوّض إليه الأمر كله، فأبى ذلك عليه أبوه وقال له: «يا ولدى ما اختارك الله لهذا الأمر إلا وأنت كفؤله، فلا ينبغى أن تغير مواقع السعادة» [١١٥] فحكّمه في الخزائن بأسرها، وأنزله اللؤلؤة (٣) المطلة على خليج القاهرة، فأنشده يوما ابن أبى حصينة (٤) وغضّ من خلفاء مصر:


(١) السورة ١٢ (يوسف)، الآية ٩٩ ك.
(٢) السورة ١٢ (يوسف)، الآية ١٠٠ ك.
(٣) اللؤلؤة منظرة من مناظر الفاطميين كانت تعرف بقصر اللؤلؤة، ويشرف من شرقيه على البستان الكافورى، ومن غريبه على الخليج؛ وصفه (المقريزى: الخطط، ج ٢، ص ٣٤٨ إلى ٣٥٠) بأنه كان من أحسن القصور وأعظمها زخرفة، أنشأ هذه المنظرة العزيز بالله ثم هدمها الحاكم ثم جددها الظاهر؛ ومكانها اليوم تبعا لتحقيقات محمد رمزى (النجوم الزاهرة، ج ٤، ص ٤٦، هامش ٢) مدرسة الفرير التي بشارع الشعرانى البرانى على رأس شارع الخرنفش بقسم الجمالية. أنظر أيضا: (على مبارك: الخطط التوفيقية، ج ٢، ص ١٢٨).
(٤) هو يحيى بن سالم بن أبى حصينة الأحدب، ترجم له (العماد الأصفهانى: الخريدة، قسم شعراء مصر، ج ٢، ص ١٥٧) فقال إنه من أهل مصر، وجده من أهل المعرة بالشام، من نسب الشاعر المعروف، ثم أورد له بعض شعره، وقد ذكر ناشر الخريدة أن لهذا الشاعر ترجمة في (ابن سعيد: المغرب، الجزء الثانى، الورقة ١٧٣) و (ابن حجر: التجريد، الورقة ٢٥٧). وقد ترجم صاحب الخريدة لأبيه سالم بن مفرج بن أبى حصينة في (نفس المرجع، ص ١٠٧ - ١٠٨). أنظر أيضا: (عمارة: النكت العصرية، ص ٢٩٢)، وفى (النجوم الزاهرة، ج ٥، ص ٧٥) ترجمة لشاعر آخر من نفس الأسرة، فقد قال في وفيات سنة ٤٥٦ هـ‍: «توفى الحسن بن عبد الله بن أحمد أبو الفتح الحلبى الشاعر المعروف بابن أبى حصينة، كان فاضلا شجاعا فصيحا يخاطب بالأمير».

<<  <  ج: ص:  >  >>