للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما وصل التشريف الخليفتى إلى مصر لبسه الملك الناصر صلاح الدين - رحمه الله - وركب به، وذلك في الحادى والعشرين من رجب من السنة المذكورة، وهى أول خلعة عباسية دخلت مصر بعد انقراض دولة العلوية؛ ووصل أيضا إلى مصر أعلام ورايات سود، وأهب عباسية للخطباء بسائر الأعمال المصرية، ففرّقها صلاح الدين على الجوامع والمساجد والقضاة والعلماء، واستقر قدم بنى أيوب بمصر، واستثبت الملك لهم، ففى ذلك يقول عرقلة الدمشقى:

أصبح الملك بعد آل علىّ ... مشرقا بالملوك من آل شاذى

وغدا الشّرق يحسد الغرب للقو ... م، ومصر تزهو على بغداذ

ما حووها إلا بعزم وحزم ... وصليل الفولاذ في الفولاذ

لا كفرعون والعزيز، ومن كا ... ن بها كالخطيب والأستاذ

وفى هذه السنة - أعنى سنة سبع وستين وخمسمائة - خرجت من مصر مراكب، إلى الشام فأخذ الفرنج في اللاذقيّة منها مركبين مملوءتين من الأمتعة (١) والتجار، وغدروا بالمسلمين، وكانوا قد هادنوا نور الدين - رحمه الله - ونكثوا، ولما بلغ ذلك نور الدين راسلهم في إعادة المركبين فغالطوه، واحتجوا بأن المركبين كان قد دخلهما ماء البحر (٢) لكسر فيهما (٢)، وكانت العادة جارية بأخذ كل مركب يدخله الماء، وكذبوا في ذلك، فلم يقبل مغالطتهم، وجمع العسكر من الشام والموصل والجزيرة؛ ووصل ابن أخيه سيف الدين غازى بن مودود إلى خدمته، ثم بثّ السرايا نحو أنطاكية وطرابلس، وحصر هو [١٣٤] حصن عرقا، وأخرب ربضه، وأرسل طائفة من العسكر إلى حصن صافيتا وعزيمة، فأخذوهما


(١) في الأصل: «امتعة التجارة»، وفى س (٣٧ ب): «الأمتعة والتجار» وما هنا عن: (ابن الأثير، ج ١١، ص ١٤٠).
(٢) هذان اللفظان غير موجودين في س.

<<  <  ج: ص:  >  >>