للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مماليك نور الدين وعبيده يفعل بنا ما يريد»، وتفرقوا على هذا الحال، وكتب أكثرهم إلى نور الدين بالخبر، ولما خلا نجم الدين بابنه صلاح الدين قال له: «أنت جاهل قليل المعرفة، تجمع هذا الجمع الكثير وتطلعهم على ما في نفسك، فإذا سمع نور الدين أنك عازم على منعه من البلاد جعلك من أهم أموره وأولاها بالقصد، ولو قصدك لم تر معك من هذا العسكر أحدا، وكانوا يسلمونك إليه، وأما الآن بعد هذا المجلس سيكتبون إليه ويعرفونه قولى، فتكتب إليه وترسل في هذا المعنى، وتقول: «أي حاجة إلى قصدى؟ نجّاب يأخذنى بحبل يضعه (١) في عنقى»، فهو إذا سمع هذا عدل عن قصدك (٢) واشتغل بما هو أهم عنده، والأيام تندرج، والله كل يوم في شأن»؛ فعلم صلاح الدين صحة ما أشار به والده [ففعل ما أمره به (٣)]، فلما رأى نور الدين الأمر هكذا عدل عن قصده، واندرجت الأيام - كما قال نجم الدين (٤) - وكان ما سنذكره إن شاء الله تعالى.


(١) في س: «يصوره».
(٢) في س: «قصده اليك».
(٣) ما بين الحاصرتين زيادة عن س (٣٩ ا).
(٤) المصدر الأصلى لهذه القصة هو (ابن الأثير: الكامل، ج ١١، ص ١٣٩) وقد نقلها عنه مع تغييرات طفيفة (أبو شامة: الروضتين، ج ١، ص ٢٠٣ - ٢٠٤)، ونص ابن واصل هنا متفق مع نص أبى شامة. وللأستاذ محمد فريد أبو حديد رأى مخالف في هذا الموضوع. أنظر كتابه: (صلاح الدين الأيوبى وعصره، ص ٧٣ - ٨١). والذى نراه أن ابن الاثير يتلمس المناسبات أحيانا لغمز صلاح الدين ونقده وخاصة عند المقارنة بينه وبين نور الدين، وقد يكون لنشأته في الموصل - موطن نور الدين والبيت الأتابكى عموما - أثر في هذا. أنظر رأى الأستاذ جب في هذا الموضوع في: (H .A .H,Gibb : The : Arabic Sources for the Life of Saladin .Speculum .vol .XXV .No . I January ١٩٥٠ pp .٨٥ - ٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>