للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقاضى العويرس، وداعى الدعاة ابن عبد القوى، وغيرهم من جند المصريين ورجالتهم السودان، وحاشية القصر، ووافقهم على ذلك جماعة من أمراء صلاح الدين وجنده، فاطلعوا على أسرارهم؛ وعينّوا [١٤٥] الخليفة والوزير، وتقاسموا الدور والأملاك، واتفق رأيهم على استدعاء الفرنج من صقلية والشام إلى مصر، وبذلوا لهم شيئا (١) من المال والبلاد، وكان مقصودهم وما انطوت عليه نيتهم الرديّة أن الفرنج إذا قصدوا البلاد وخرج إليهم صلاح الدين بنفسه ثاروا هم بالقاهرة ومصر، وأعادوا الدعوة العلوية، وعاد من معه من العسكر الذين وافقوهم عليه، فلا يبقى لهم مقام مقابل الفرنج، وإن كان صلاح الدين يقيم ويرسل العساكر إليهم، ثاروا به، وأخذوه أخذا باليد، لعدم الناصر له والمساعد، وقال لهم عمارة: «أنا قد أبعدت (٢) أخاه إلى اليمن خوفا أن يسد مسده (٣)، وتجتمع الكلمة عليه بعده»؛ فأرسلوا إلى الفرنج بصقلية والشام، وتقررت القواعد بينهم، ولم يبق إلا إتمام أمرهم، فكان ما قدرّه الله من فضيحتهم وانتهاك سر نيتهم (٤)، - لما أراده الله تعالى من سعادة صلاح الدين وظهور أمره -، أن الفقيه الواعظ زين الدين على بن نجا (٥) أدخلوه معهم في سرّهم، فداخلهم وأظهر لهم أنه على رأيهم، فاطلع على جميع أمورهم، وجاء إلى صلاح الدين وأظهره على جميع أمورهم، وكشفها له، وطلب


(١) في الاصل: «شىء»، وما هنا عن س.
(٢) س: «انفدت».
(٣) س: «أن يشد عتيده» والمؤلف ينقل هنا عن (ابن الأثير: الكامل، ج ١١؛ ص ١٤٩ - ١٥٠).
(٤) س: «ستر سرهم».
(٥) هو زين الدين أبو الحسن على بن إبراهيم بن نجا الدمشقى الحنبلى الواعظ، توفى بمصر في رمضان سنة ٦٠٠ هـ‍ عن إحدى وتسعين سنة، انظر ترجمته في: (النجوم الزاهرة، ج ٦، ص ١٨٣ - ١٨٤) و (ابن العماد: شذرات الذهب).

<<  <  ج: ص:  >  >>