للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب أتاه ويجيب عنه، ويصلى ويطيل الصلاة، وله أوراد في النهار، فإذا جاء الليل وصلى العشاء ونام يستيقظ نصف الليل، ويقوم إلى الوضوء والصلاة إلى بكرة، فيظهر للركوب ويشتغل بمهام الدولة؛ قال: فإنها قلّت عليها النفقة، ولم يكفها ما كان قرره لها، فأرسلتنى إليه أطلب منه زيادة في وظيفتها، فلما قلت له تنكّر واحمر وجهه ثم إنه قال: من أين أعطيها، أما يكفيها مالها (١)؟ والله لا أخوض نار جهنم في هواها، وإن كانت تظن أن الذى بيدى من الأموال هو لى فبئس الظن، إنما هى أموال المسلمين مرصدة لمصالحهم، ومعدة لفتق إن كان من عدو الإسلام؛ وأنا خازن (٢) عليها فلا أخونهم فيها، ثم قال: لى بمدينة حمص ثلاثة (٣) دكاكين ملكا (٤) قد وهبتها إياها، فلتأخذها؛ وكان يحصل منها قدر قليل».

وكان (٥) له صديق بالجزيرة من الصالحين، وكان نور الدين يكاتبه ويراسله ويرجع إلى قوله، فبلغه أن نور الدين يدمن اللعب بالكرة، فكتب إليه يقول له: «ما كنت أظنك تلهو وتلعب وتعذّب الخيل لغير فائدة دينية»! فكتب إليه نور الدين بخط يده يقول له: «والله ما حملنى على اللعب بالكرة اللهو والبطر، إنما نحن في ثغر، والعدو قريب منا، وبينما نحن جلوس إذ يقع صوت فنركب في الطلب، ولا يمكننا أيضا ملازمة الجهاد ليلا ونهارا، شتاء وصيفا، إذ لا بد من الراحة للجند، ومتى تركنا الخيل على مرابطها صارت جماما لا قدرة لها على إدمان


(١) في الأصل: «ما يكفيها» والتصحيح عن س بعد مراجعة الروضتين.
(٢) كذا في الاصل، وفى س (٥٠ ب) وفى الروضتين: «خازنهم».
(٣) في الاصل: «ستة»، والتصحيح عن س، و (الروضتين، ص ٦) و (مرآة الزمان، ص ٣٠٧).
(٤) في الاصل، وفى س: «ملك» والتصحيح عن الروضتين.
(٥) قبل هذا الخبر في س: «وقال أيضا هذا الشخص، وكان رضيع زوجة نور الدين ووزيرها»، مما يفيد أنه ينقل هذا الخبر عن رضيع زوجة نور الدين، أما صاحب الروضتين فيرويه منسوبا إلى ابن الاثير وإنما مع اختلاف يسير في النص.

<<  <  ج: ص:  >  >>