للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السير في الطلب، ولا معرفة لها بسرعة الانعطاف في الكر والفر في المعركة، فنحن نركبها ونروّضها بهذا اللعب، فيذهب عنها جمامها، وتتعود [١٥٧] سرعة الانعطاف والطاعة لراكبها في الحرب، فهذا والله هو الذى يبعثنى على اللعب بالكرة».

وحمل إليه من مصر عمامة من القصب الرفيع مذهبة، فلم يحضرها عنده، فوصفت له، فلم يلتفت إليها، وبينما هم معه في حديثها إذ قد جاءه رجل صوفى، فأمر بها له، فقيل له: «إنها لا تصلح لهذا الرجل، ولو أعطى غيرها كان أنفع له (١)»، فقال: أعطوها له، فإنى أرجو أن أعوض عنها في الآخرة»، فسلمت إليه، فسار بها إلى بغداد، فأباعها بستمائة دينار مصرية (٢)، أو سبعمائة دينار (٣).

وأما (٤) عدله فذكر أنه كان بدمشق يلعب بالكرة فرأى إنسانا يحدّث آخر ويشير بيده (٥) إليه، فأرسل إليه وسأله عن حاله، فقال: «لى مع الملك العادل حكومة، هذا غلام القاضى ليحضره إلى مجلس الحكم يحاكمنى على الملك الفلانى»،


(١) كذا في الاصل، وفى الروضتين، وفى س: «كان أصوب».
(٢) كذا في الاصل، وفى س؛ وفى الروضتين: «أميرى».
(٣) وقد عقب صاحب الروضتين (ص ٦) على هذا الخبر بقوله: «قلت: قرأت في حاشية هذا المكان من كتاب ابن الأثير بخط ابن المعطى إياها، قال أعطاها لشيخ الصوفية عماد الدين أبى الفتح ابن حموية بغير طلب ولا رغبة، فبعثها إلى همذان فبيعت بألف دينار». انظر أيضا: (مرآة الزمان، ص ٣٠٨).
(٤) روى صاحب الروضتين (ص ٧) هذا الخبر وغيره منسوبا إلى ابن الأثير، وقد رجعنا إلى تاريخه الكامل فلم تجد هذه الأخبار به، والمرجح أنها نقلت عن كتاب آخر لابن الأثير عن نور الدين ودولته عنوانه «الباهر» فقد قال ابن الأثير عند ترجمته لنور الدين في الكامل: «وقد طالعت سير الملوك المتقدمين فلم أر فيها بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز أحسن من سيرته، ولا أكثر تحريا منه للعدل، وقد أتينا على كثير من ذلك في كتاب (الباهر) من أخبار دولتهم، ولنذكرها هنا نبذة لعل يقف عليها من له حكم فيقتدى به. . . إلخ». والذى أرجحه أن (الباهر) عنوان آخر لكتاب ابن الأثير المعروف «تاريخ أتابكة الموصل».
(٥) كذا في الأصل، وفى س «به»، والتصحيح عن (الروضتين).

<<  <  ج: ص:  >  >>