للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رحمه الله - بتولى الفقيه الزاهد نجم الدين الخبوشانى (١) وأمر باتخاذ دار في القصر بيمارستانا (٢) للمرضى، ووقف عليه وعلى المدرسة وقوفا كثيرة.

ثم رحل السلطان، وذلك لثمان بقين من شعبان من هذه السنة، واستصحب ولديه الملك الأفضل نور الدين عليا والملك العزيز عماد الدين عثمان - رحمهما


= وقد سميت هذه المدرسة فيما بعد " بالناصرية " نسبة إلى منشئها الملك الناصر صلاح الدين، وقد ذكرها (المقريزى: الخطط، ج ٤، ص ٢٥١) باسم " المدرسة الناصرية بالقرافة "، وقال إن صلاح الدين رتب بها مدرسا يدرس الفقه على مذهب الشافعى وجعل فيها معيدين وعدة من الطلبة، ورتب للجميع الرواتب الشهرية، وأوقف الأوقاف الكثيرة للصرف عليها. وموضع هذه المدرسة الآن جامع الإمام الشافعى.
(١) هو أبو البركات محمد بن الموفق بن سعيد بن على بن الحسن بن عبد الله الخبوشانى الشافعى المعروف بنجم الدين، هو أصلا من خبوشان وهى بليدة بناحية نيسابور، قدم مصر سنة ٥٦٥ هو كان يكره الفاطميين ويهاجمهم، وكان صلاح الدين حسن العقيدة فيه، وقد مدحه بعض من ترجموا له فقال (ابن خلكان: الوفيات، ج ٣، ص ٣٧٤) إنه كان فقيها فاضلا كثير الورع. وقال (السبكى طبقات الشافعية، ج ٤، ص ١٩٠) هو الفقية الصوفى أحد الأئمة علما ودينا وورعا وزهدا. أما (سبط ابن الجوزى: مرآة الزمان، ج ٨، ق ١، ص ٤١٤) فقد انتقصه وجرّحه، قال: " وكان كثير الفتن منذ دخل مصر إلى أن مات، وما زالت الفتن قائمة بينه وبين الحنابلة وابن الصابونى وزين الدين بن نجية، ويكفرونه ويكفرهم، وكان طائشا متهورا، نبش قبر ابن الكيزانى، وأخرج عظامه من عند الشافعى، وكان يصوم ويفطر على خبز الشعير، فلما مات وجد له ألوف دنانير، وبلغ صلاح الدين فقال: " يا خيبة المسعى "، وكان يبعث إليه بالصدقات فيأخذها لنفسه، ولما توجه سيف الإسلام إلى اليمن جاء يعوده ويستقضى حوائجه، فقال له الخبوشانى: " لى إليك حاجة " قال: وما هى؟ " قال: " تضرب رقبة كل من في المدينة ومكة، وتأخذ أموالهم، وتسبى نساءهم، وقد أبحت لك ذلك " فقام سيف الإسلام من عنده وهو يسبه، وقال: " أنظروا إلى هذا الرقيع يبيح دماء جيران الله ودماء أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ". وكانت وفاته في صفر، وسكنت الفتن، واصطلح الناس وكان سبئ الخلق قبيح العشرة، وولى بعده تدريس مدرسة الشافعى شيخ الشيوخ صدر الدين ابن حمويه ".
(٢) البيمارستان المستشفى، وهى كلمة فارسية مكونة من لفظين " بيمار " ومعناها مريض، و " ستان " ومعناها مكان. وقد أنشأ صلاح الدين هذا البيمارستان سنة ٥٧٧ هـ‍ مكان قاعة بالقصر الكبير بناها العزيز بالله الفاطمى في سنة ٣٨٤ هـ‍، وكان القرآن مكتوبا على حيطانها. وذكر محمد رمزى في تعليقاته على (النجوم الزاهرة، ج ٤، ص ١٠١، هامش ٣) أن موضع هذا البيمارستان اليوم مجموعة المبانى الواقعة خلف دورة مياه جامع سيدنا الحسين من الجهة البحرية إلى عطفة القزازين، وكان الدخول إليه من باب قصر الشوك بدرب القزازين بقسم الجمالية ".

<<  <  ج: ص:  >  >>