للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم أر أرضا جادها الغيث قبلها، ... وتصبح تشكو بعده غلّة المحل

وما شرقوا بالماء والرنق إذ رأوا ... جيوشك، لكن بالفوارس والرجل

ولم يبق إلا من سبا الجيش منهم، ... وإن كان يسبى (١) الجيش بالحدق النجل

عذارى أسارى كبّلت بشعورها، ... فجرحها في الساق (٢) والمعصم العبل

وقد شغلت عن أهلها بأسارها، ... وأنت بحمد الله في أشغل الشغل

يكبّر فيها الله بالجامع الذى ... جمعت به بين الفريضة والنفل

وصلّيت فيها جمعة وجماعة، ... يناديك الإسلام: يا جامع الشّمل

وعدت بفضل الله للخلق سالما، ... وأىّ زمان لم تعد فيه بالفضل

ولما وصل السلطان إلى دمشق وجد بها رسل الخليفة الإمام الناصر لدين الله - أمير المؤمنين - وهما: الشيخ صدر الدين عبد الرحيم بن إسماعيل بن أبى سعيد أحمد، وبشير الخادم، وكانا قد وصلا إلى دمشق والسلطان محاصر الكرك، فمرضا بدمشق، ومات جماعة من أصحابهما، وكان الشيخ نازلا بالمنيبع [٢٥٨] وكان السلطان يعوده في كل يوم؛ وكان قدومهما في معنى تقرير الصلح بين السلطان وبين عز الدين مسعود - صاحب الموصل -، فلم يتقرر أمر، فاستأذنوا في العود إلى بغداد قبل الشتاء، فأذن لهم فعادوا، فمات بشير الخادم بالسخنة، ومات صدر الدين (٣) بالرحبة، وكان صالحا زاهدا، فدفن بمشهد


(١) الأصل: «مسبى»؛ والتصحيح عن الديوان.
(٢) النص بالديوان: «بالساق».
(٣) هو عبد الرحيم بن إسماعيل بن أبى سعد أحمد بن محمد النيسابورى، ولد سنة ٥٠٨ هـ‍، وقال صاحب (الروضتين، ج ٢، ص ٥٧) في ترجمته - نقلا عن ابن القادسى -: كان شيخا طائلا في العلم والدين والسداد، ثابت الجنان في الحوادث المزعجة والوقائع الباغتة الملجلجة، سديد البديهة، صافى الفكرة، جمع بين نظم الشعر ونثر الترسل، وكان يرسل إلى الأطراف، ورتب في مشيخة الشيوخ منذ توفى والده في جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، ولم يزل على ذلك إلى أن توفى، وتولى بعده مشيخة الرباط صفى الدين إسماعيل، أنظر أيضا (النجوم الزاهرة، ج ٦، ص ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>