للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمر باغلاق كنيسة قمامة، وحرم على النصارى زيارتها. وشاور أصحابه فيما يعتمده في أمرها، فمنهم من أشار بهدمها وتعفية آثارها، وقالوا:

«[إذا] (١) هدمت القبة ونبشت المقبرة، وحرثت (٢) أرضها وعفت، انحسمت (٢) عن قصدها مواد أطماع الكفار، ومهما بقيت كانت الزيارة مستمرة»؛ وقال أكثر الجماعة: «لا فائدة في هدمها، فإن متعبدهم موضع الصليب والمقبرة لا ما نشاهد من البناء، فلو نسفت أرضها في السماء لما انقطع عنها قصد أهل دين النصرانية؛ ولمّا فتح أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - البيت المقدس في صدر الإسلام أقرهم على هذا المكان ولم يأمر بهدمه»، فأعرض السلطان عن هدمها؛ ثم تقرر بعد ذلك على من يدخلها منهم قطيعة يؤديها.

قلت: ولهم في هذا المكان ضلالة تقع في كل سنة في اليوم الذى يليه يوم فصحهم، وهو أنه يزعمون أن نورا ينزل من السماء، ولقد كذبوا [٢٩٩] وافتروا، وإنما هو تدليس وتلبيس من بتركهم، يغرّ به ضعفاء العقول ويستدرجهم به إلى ضلالتهم وغيهم (٣)، ولقد حضرت في زمن الصبى يوم سبت النور هذه الكنيسة مرارا على سبيل التفرج، فكنت أجدهم يعكفون على القبة الصغيرة التي فيها القبر، والنصارى مجتمعون (٤) بها يرفعون صلبانهم ويقرأن إنجيلهم، ويضجون، والديوان (٥) - الذى للمسلمين على باب الكنيسة - والموالى يأخذون من كل رجل القطيعة المقررة، وذلك في أيام الملك المعظم شرف الدين عيسى بن الملك العادل - رحمهما الله - فإذا كان وقت الظهر أو بعده دخل البترك القبة، وأخرج شمعة


(١) أضيف ما بين الحاصرتين بعد مراجعة العماد، وذلك ليستقيم المعنى.
(٢) الأصل: " وحرث " و " انحسم "، والتصحيح عن العماد (الروضتين، ج ٢، ص ١١٥)
(٣) الأصل: " وغيرهم " والتصحيح عن س (٢٤ ب).
(٤) س: " محيطون ".
(٥) لاحظ أن المؤلف يستعمل هنا لفظ " الديوان " بمعنى الموظف.

<<  <  ج: ص:  >  >>