للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موقدة زعم أنه أوقدها من القنديل الذى اشتعل بالنور المنزّل [من السماء] (١)، فيأتيه النصارى بشمعهم فيقدونه من تلك الشمعة، فيمتلىء المكان بالشمع الموقدة، ويظهر على النصارى من الفرح والاستبشار مالا مزيد عليه، جهلا وضلالة، وظنا فاسدا أنه نور أنزل عليهم، وإنما هو نار محرقة افتعلها عدو الله البترك على سبيل المخرقة والإيهام، وهؤلاء القوم دون سائر الطوائف أكثر أمورهم مبنية على ذلك (٢).

ولقد (٣) حدثنى القاضى فخر القضاة ابن بصاقة - رحمه الله - ونحن بالكرك، وهو من أهل الفضل والمعرفة والتقدم في الدول، قال:

«كنت صبيا صغير السن، وقد حضر البترك الذى كان [مقيما] (١) بقمامة عند والدى، فسمعت والدى يقول له: إن السلطان قد عزم على كشف قضية هذا النور الذى تدعون أنه ينزل عليكم [من السماء] (١)، فقال له البترك: إن النور كان ينزل في قديم الزمان ثم انقطع، فنحن اليوم نفعله لإقامة الناموس وحفظا لحرمة دين النصرانية، وليس من المصلحة أن تتعرضوا لهذا، وكشف سره، فإنه يفوّت (٤) عليكم أموالا جزيلة، وليس لكم في بطلان ذلك منفعة».

قلت (٥): وكان الواجب على ولاة الأمر أن لا يلتفتوا إلى ما يحصل من هذا السحت، وأن يهتكوا ستر هؤلاء القوم فيما يدلسون به على الأمم، وأن يرفعوا القناع عن هذا التدليس الموقع (٦) في عمايات الضلال الداعية إلى أنواع الكفر والجهالات.


(١) ما بين الحاصرتين زيادة عن س.
(٢) هذا استطراد من المؤلف له قيمته وأهميته.
(٣) قبل هذا اللفظ في س (٢٤ ب): " قال جمال الدين صاحب هذا التاريخ ".
(٤) س: " يروح ".
(٥) مكان هذا اللفظ في س: " قال القاضى جمال الدين بن واصل المؤلف ".
(٦) هذا اللفظ ساقط من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>