للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخمسمائة، وأمر السلطان آق سنقر [البرسقى] بحفظ عماد الدين زنكى وتقديمه والوقوف عند إشارته، ففعل ذلك.

وفى سنة ست عشرة وخمسمائة أقطع عماد الدين زنكى شحنكيّة (١) البصرة وواسط، وعظم شأنه، وهابه الأمير دبيس بن صدقة - صاحب الحلة - وهمّ دبيس بقصد بغداد، فسار إليه آق سنقر البرسقى بنفسه، وتبعه الخليفة المسترشد بالله، فانهزم عسكر دبيس، وقتل منهم وأسر خلق كثير، وكان لعماد الدين أثر حسن في هذه الوقعة، وذلك في أول المحرم سنة سبع عشرة وخمسمائة

ولحق دبيس بالسلطان طغرل بن السلطان محمد، [١٧] وكان معه عاصيا على السلطان محمود، وأمر السلطان لآق سنقر البرسقى أن يرجع إلى الموصل فعاد، فقال عماد الدين لأصحابه: «قد ضجرنا مما نحن فيه، كل يوم يملك البلد أمير، ويؤمر بالتصرف على اختياره وإرادته، فتارة نحن بالعراق، وتارة بالشام، وتارة بالموصل، وتارة بالجزيرة». فسار من البصرة إلى السلطان محمود، وأقام عنده، فكان يقف إلى جانب تخت الملك عن يمينه، لا يتقدم عليه أحد، وهو مقام والده قسيم الدولة [آق سنقر] من قبله، وبقى لعقبه من بعده.

ثم بلغ السلطان أن العرب قد اجتمعت، ونهبت البصرة، فأعلم عماد الدين زنكى بالمسير إليها، وأقطعه إياها، لما بلغه عنه من الحماية لها في العام الماضى وقت اختلاف العساكر والحروب، ففعل ذلك، فعظم عند السلطان، وزاد محله عنده، وكان جرى بين برتقش (٢) الزكوى - شحنة (١) بغداد - وبين الخليفة المسترشد بالله نفرة، فتهدده المسترشد، فسار عن بغداد إلى السلطان شاكيا


(١) أنظر ما فات، ص ٧، هامش ٥
(٢) كذا في الأصل، وفى (ابن الجوزى: المنتظم، ج ٩، ص ٢٤٩): «برنقش».

<<  <  ج: ص:  >  >>