للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فطلب قلج أرسلان منه الأمان، فأمّنه الملك، واستقر بينهم قاعدة أكيدة، وأخذ منه الملك رهائن عشرين من أكابر دولته، وأشار على الملك أن يجعل طريقه على طرسوس والمصيصة، ففعل.

وقبل وصوله إلى هذه البلاد أنفذ كتابه ورسوله بشرح حاله، وأين قصده، وما لقى في طريقه، وأنه لابد يجتاز بهذه الديار اختيارا أو كرها، فاقتضى الحال إنفاذ المملوك حاتما، وصحبته ما سأل، ومعه من الخواص جماعة للقاء الملك في جواب كتابه، وكانت الوصية معهم إلى بلاد قلج أرسلان إن أمكن، فلما اجتمعوا بالملك الكبير وأعادوا عليه الجواب، وعرفوه الأحوال أبى إلا الانحراف، [٣٥٧] ثم كثرت عليه العساكر والجموع ونزل على شط نهر، وأكل خبزا، ونام ساعة، فتاقت نفسه إلى الاستحمام في الماء البارد، ففعل ذلك وخرج، وكان من أمر الله أنه تحرّك عليه مرض عظيم في الماء البارد، فمكث أياما قلائل ومات.

وأما لافون فكان سائرا يلقى الملك، فلما جرى هذا المجرى هرب الرسل من العسكر وتقدموا إليه وأخبروه بالحال فدخل في بعض حصونه، واحتمى هناك.

وأما ابن الملك فكان أبوه منذ توجه لقصد هذه البلاد نصب ولده الذى هو معه عوضه، وتأكدت قواعده، وبلغه هرب رسل لافون فأنفذ واستعطفهم، وقال:

" إن أبى كان شيخا كبيرا، وإنما قصد هذه الديار لأجل حج بيت المقدس، وأنا الذى دبرت الملك، وعانيت المشاق في هذه الطريق، فمن أطاعنى (١) وإلا بدأت بقصد دياره ".


(١) س، «فمن لم يطيعنى».

<<  <  ج: ص:  >  >>