للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأطلق أهل البلد عليهم الجروخ والمجانيق والنيران، وفتحوا الأبواب دفعة، وهجموا على العدو، وكبسوهم في الخنادق، فهربوا، ووقع السيف فيمن بقى على الخندق.

ثم هجموا على كبشهم فألقوا فيه النار والنفط، وتمكنوا من حريقه لهرب المقاتلة عنه، فاحترق حريقا شديدا، وارتفع لهبه إلى السماء، وارتفعت الأصوات بالتكبير والتهليل، وسرت نار الكبش إلى السفود، فاحترق حريقا شنيعا، وعلّق المسلمون في الكبش كلاليب الحديد المصنوعة في الأسل (١) فسحبوها وهو يشتعل حتى حصل عندهم في البلد، وألقى عليه الماء حتى برد حديده، وكان وزن ما فيه من الحديد مائة قنطار بالشامى، ثم سيّروا رأسه إلى السلطان لينظره.

وفى السادس عشر من شهر رمضان وصل الخبر إلى السلطان بأن الابرنس - صاحب أنطاكية - أغار على بلاد حلب فخرج إليه نواب الملك الظاهر، فقتلوا من عسكره خمسة وسبعين نفرا، وأسر خلق كثير، فاعتصم بموضع يسمى شيج حتى اندفعوا، وسار إلى بلده.

وفى العشر الأوسط من الشهر، ألقت الريح بطشتين فيهما رجال ونساء وميرة عظيمة وغنم كثير قاصدين نحو العدو، فغنمها المسلمون، وكان العدو قد ظفر للمسلمين ببركوس (٢) فيه نفقة ورجال أرادوا الدخول للبلد، فكان أخذ هاتين البطشتين جابرا.


(١) كذا في الأصل وفى (الروضتين، ج ٢، ص ١٦٤)، وفى س و (ابن شداد): " السلاسل "
(٢) الأصل: " بتركوس "، وص: " سركوس " بدون نقط، والتصحيح ما ذكرناه، والبركوس - والجمع براكيس - نوع من السفن التي كانت تستعمل في الحروب بين الشرق والغرب في مياد البحر الأبيض المتوسط في العصور الوسطى، وهى أصغر حجما من البطسة، جأء في (ابن شداد: السيرة اليوسفية): " وقالوا للسلطان: نحن نخوض البحر في براكيس وبطس إلى العدو، فأذن لهم =

<<  <  ج: ص:  >  >>