للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقدس متعبدنا ما ننزل عنه ولو لم (١) يبق منا واحد، وأما البلاد فيعاد إلينا ما هو قاطع الأردن، وأما الصليب فهو خشبة عندكم لا مقدار له، وهو عندنا عظيم، فيمنّ السلطان علينا، ونستريح من هذا العناء الدائم ".

فأرسل السلطان في جوابه:

" القدس لنا كما هو لكم، وهو عندنا أعظم مما هو عندكم، فإنه مسرى نبينا، ومجتمع الملائكة، فلا يتصور أن ننزل عنه، ولا نقدر على التلفظ بذلك بين المسلمين، أما البلاد فهى لنا في الأصل، واستيلاؤكم كان [٣٩١] طارئا عليها، لضعف من كان بها من المسلمين في ذلك الوقت، وأما الصليب فهلاكه عندنا قربة عظيمة، ولا يجوز لنا أن نفرط فيه إلا لمصلحة راجعة إلى الإسلام هى أوفى منها ".

وهرب في تلك المدة شيركوه بن باخل الكردى، وهو من جملة الأسارى الذين كانوا بعكا إلى السلطان (٢).

ثم ورد الخبر على عزم النهوض من الفرنج، فسار السلطان من المخيّم بالنطرون إلى الرملة في سابع شوال من هذه السنة، فأقام بها عشرين يوما، وجرت وقعات بينه وبين العدو، منها وقعة في ناحية يازور، وكان النصر فيها للمسلمين، ولم يقتل من المسلمين غير ثلاثة، وكانت ثامن شوال.

وفى سادس عشر شوال وقعت وقعة عظيمة قتل فيها جماعة من الأمراء، وأسر فيها فارسان من الفرنج معروفان، وقتل منهم بها [زهاء عن] (٣) ستين نفرا،


(١) الأصل وس: " والقدس مستعبدنا ما ينزل عليه ولم يبق منا واحد " وهى جملة مضطربة والتصحيح عن الأصل المنقول عنه هنا وهو: (ابن شداد: السيرة اليوسفية، ص ١٨٧) و (الروضتين، ج ٢، ص ١٩٣).
(٢) بعد هذا اللفظ في س: " وكان من الأمراء الكبار ".
(٣) ما بين الحاصرتين زيادة عن س و (الروضتين، ج ٢، ص ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>