للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتأخر لينطح، ثم لا يجوز لك أن تهلك المسلمين كلهم، ولا يجوز لى أن أهلك الفرنج كلهم، وهذا أبن أختى الكندهرى قد ملكته هذه الديار، وسلمته إليك يكون هو وعسكره بحكمك، ولو استدعيتهم إلى الشرق سمعوا وأطاعوا، وإن جماعة من الرهبان والمنقطعين قد طلبوا منك كنايس فما بخلت عليهم بها، وأنا أطلب منك كنيسة، وتلك الأمور التي كانت تضيق صدرك في المراسلة لما كانت المراسلة تجرى مع الملك العادل قلت بتركها وأعرضت عنها، ولو أعطيتنى قرية أو مزرعة (١) قبلتها وقبّلتها ".

فاستشار السلطان الأمراء في جوابه، فأشاروا بالمحاسنة وعقد الصلح، لما كان قد أخذ المسلمين من الضجر والتعب، وعلاهم [٤٠٢] من الديون، واستقر الحال على هذا الجواب:

" إنك إذا دخلت معنا في هذا الأمر، فما جزاء الإحسان إلا الإحسان، وابن أختك يكون عندى كبعض أولادى، وسيبلغك ما أفعل في حقه من الخير، وأنا أعطيك أكبر الكنائس وهى القمامة، وبقية البلاد نقسمها، فالساحلية التي بيدك تكون بيدك، والتي بأيدينا من القلاع الجبلية تكون لنا، وما بين العملين يكون مناصفة، وعسقلان وما وراءها يكون خرابا لا لنا ولا لكم، وإن أردتم قراها كانت لكم، والذى كنت أكرهه حديث عسقلان ".

فانفصل الرسول طيب القلب.

ثم ورد رسوله:

" أن يكون في القدس عشرون نفرا، وأن من سكن من النصارى والفرنج في البلد لا يتعرض لهم، وأما بقية البلاد فلنا منها الساحليات والوطأة، والبلاد الجبلية تكون لكم "


(١) كذا في الأصل، وعند ابن شداد (المرجع السابق): " مقرعة أو قرية ".

<<  <  ج: ص:  >  >>