للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القلعة نفسه للمسيح، وقفز من (١) القلعة إلى الميناء، وكان رملا فلم يصبه شئ (٢)، وعدّى إلى البحر، وحدّث الانكلتير بالحديث، فما كان إلا ساعة حتى نزل كل من في الشوانى إلى الميناء، وحملوا على المسلمين فأخرجوهم من الميناء، فقبض السلطان على الرسل، وأمر بتأخير الثقل والأسواق إلى يازور (٣) فرحل الناس، [٤٠٦] وتخلف لهم ثقل عظيم مما كانوا أخذوا من يافا.

وخرج الانكلتير إلى موضع السلطان الذى كان فيه لمضايقة البلد، وأمر من في القلعة أن يخرجوا إليه فيعظم سواده، واستدعى جماعة من خواص مماليك السلطان والحاجب أبا بكر العادلى وغيره، فلما حضروا عنده باسطهم وقال:

" هذا السلطان عظيم، وما في الأرض للإسلام ملك أكبر منه ولا أعظم، فكيف رحل عن المكان لمجرد وصولى؟ والله ما لبست لأمة (٤) حربى ولا تأهبت لأمر، ولا في رجلى إلا زربول [البحر] (٥) فكيف تأخر؟ "


(١) الأصل: " مع "، والتصحيح عن المرجع السابق.
(٢) الأصل: «شيئا» والتصحيح عن المرجع السابق.
(٣) الأصل: «باروز»، أنظر ما فات هنا ص ٣٩٤، هامش ٢
(٤) اللأمة الدرع، وقيل السلاح، وقيل الدرع الحصينة، سميت لأمة لإحكامها وجودة حلقاتها، وقيل هى السلاح كله، ولأمة الحرب أداته، وجمعها لأم ولؤم، واستلأم الرجل لبس اللأمة، أي إذا لبس ما عنده من عدة رمح وبيضة ومغفر وسيف ونبل. أنظر: (اللسان)
(٥) أضيف ما بين الحاصرتين عن: (الروضتين، ج ٢، ص ٢٠٢)، وزربول أو زربول - والجمع زرابيل -، ويقال: زربون - والجمع زرابين -، كلمة من أصل يونانى ومعناها نوع من الحذاء، وكانت تطلق في القسطنطينية على الحذاء الذى يلبسه العبيد، ويرى (DOZY) أن الكلمة مشتقة من، (servus) كما أن اللفظ الأسبانى (servilla) ويعنى نوعا من الحذاء مشتق من، (serva) لأن الخدم اعتادوا أن يلبسوا هذا النوع؛ ويبدو أن اللفظ انتقل من الدولة البيزنطية إلى بلاد الشام، واستعمله العرب في العصور الوسطى للدلالة على هذا النوع من الحذاء الذى يلبسه العبيد، فقد استعمل بهذا المعنى (وإنما برسم زربون) في كتاب " ألف ليلة وليلة ". وقد وصفه (DOZY) وصفا ينطبق على ذلك النوع من الحذاء المعروف في مصر إلى عهد قريب باسم (المركوب)، فهو حذاء أحمر اللون ذو طرف أمامى مدبب مرتفع إلى أعلى. وهو ذلك النوع الذى كان يلبسه المشايخ إلى عهد قريب. أنظر: (DOZY : Supp .Dict .Arab) ولعل هذا هذا الشرح يفسر لنا أيضا كلمة «زربون» التي كنا نطلقها أحيانا على العبد، فنقول له تحقيرا لشأنه: «عبد زربون»، ولاحظ أيضا أن التعبير في المتن هنا يدل على أن رتشارد كان يلبس نوعا من الحذاء أو الزربول خاصا بالبحر.

<<  <  ج: ص:  >  >>