للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤١٠] ثم أمر السلطان أن ينادى في الوطاقات (١) والأسواق:

" ألا وإن الصلح قد انتظم، فمن شاء من بلادهم يدخل بلادنا فليفعل، ومن شاء من بلادنا يدخل بلادهم فليفعل ".

وكان يوم الصلح يوما مشهودا عمّ فيه للطائفتين الفرح والسرور، ولم يكن ذلك من إيثار السلطان.

فحكى القاضى بهاء الدين بن شداد - رحمه الله - قال:

" قال لى السلطان في بعض محاوراته في الصلح: أخاف أن أصالح، وما أدرى أي شئ يكون منى، فيقوى هذا العدو، وقد بقيت لهم هذه البلاد، فيخرجون لاستعادة ما في أيدى المسلمين المأخوذة منهم، وترى كل واحد من هؤلاء الجماعة - يعنى أخاه وأولاده وأولاد أخيه - قد قعد في رأس قله (٢) - يعنى قلعته -، وقال: " لا أنزل " (٣) ويهلك المسلمون ".

قال بهاء الدين:

فكان كما قال، توفى - رحمه الله - عن قريب، واشتغل كل من أهل بيته وأولاده بناحية، ووقع الخلف بينهم، وأعرضوا عن النظر في المصلحة العامة للمسلمين، فلو قدر الله حياته لكان الغالب على الظن أن العدو لا يبقى له في البلاد الشامية ثغر ولا بلد، لكن الله تعالى إذا أراد أمرا قدّر أسبابه، وبالجملة فكان


(١) الوطاق لفظ معرب، وأصله بالتركية: أوتاق أو أوطاق أو أوتاغ، ومعناه الخيمة أو مجموعة الخيام أو المعسكر.
(٢) الأصل: «قله»، والتصحيح عن ابن شداد: (الروضتين، ج ٢، ص ٢٠٤)، وفى اللسان: (قلة كل شى رأسه أو أعلاه، والقلة أعلا الجبل).
(٣) الأصل: «أو يهلك»، والتصحيح عن ابن شداد (المرجع السابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>