للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينه وبين الخليفة المسترشد بالله، فتأخّر دبيس عن السلطان، ثم وصل دبيس، ونزل بدار السلطان، فاسترضى السلطان الخليفة عنه، فامتنع أن يولّى دبيس [٢٥] شيئا من الأعمال، وبذل الخليفة للسلطان مائة ألف دينار لأجل ذلك، وبلغ الأمير عماد الدين أتابك زنكى أن السلطان قد عزم على تولية دبيس الموصل، فسافر إلى خدمة السلطان - كما قدمنا -، ولم يشعر السلطان به إلا وهو عند الستر، وبذل الجملة العظيمة التي ذكرناها، وخلع عليه، وأعيد إلى بلاده - كما ذكرنا -.

ثم رحل السلطان عن بغداد، ومرض، وبلغ دبيسا (١) مرضه، فطمع وجمع جمعا كثيرا، وقصد الحلّة، وكان بها بهروز - شحنة بغداد -، فهرب، ودخلها دبيس، فعاث في البلاد، فسيّر إليه السلطان [آق سنقر (٢)] الأحمد يلى ليكف شره، فأرسل دبيس يستعطف الخليفة، وقال: «إن رضيت عنى رددت أضعاف ما أخذته»، وترددت الرسل في ذلك، ودبيس يجمع ويحشد، فاجتمع إليه عشرة آلاف فارس؛ ثم سار السلطان إلى بغداد فأهدى له دبيس هدايا جليلة، من جملتها ثلاثمائة حصان منعولة بالذهب، ومائتا ألف دينار ليرضى عنه الخليفة والسلطان، فلم يجب إلى ذلك.

ولما دخل السلطان بغداد قصد دبيس البصرة، وأخذ منها أموالا جليلة، فسيّر إليه [السلطان] عشرة آلاف فارس، ففارق البصرة، ودخل البرية، وسار متوجها إلى الشام، فقيل إنه قصد قلعة صرخد، لأن سريّة (٣) لصاحبها


(١) في الاصل: «دبيس».
(٢) أضيف ما بين الحاصرتين عن (ابن القلانسى، ص ٢٣٨).
(٣) ذكر (ابن الأثير: ج ١٠، ص ٢٨٤) أن صاحب صرخد توفى في هذه السنة وكان خصيا، وخلف جارية سرية له فاستولت على القلعة وما فيها، وعلمت أنها لا يتم لها ذلك إلا بأن تتصل برجل له قوة ونجدة، فوصف لها دبيس بن صدقة وكثرة عشيرته، وذكر لها حاله وما هو عليه بالعراق، فأرسلت تدعوه إلى صرخد لتتزوج به وتسلم القلعة وما فيها من مال وغيره إليه، فأخذ الأدلاء معه وسار من العراق إلى الشام، فضل به الأدلاء بنواحى دمشق.

<<  <  ج: ص:  >  >>