واغتنم السلطان عز الدين فرصة، فخرج من صف ابنه قطب الدين هاربا، ودخل إلى قيسارية، واجتمع بولده نور الدين سلطان شاه، فأكرم أباه وعظّمه، ورجع قطب الدين إلى قونية، وهى دار الملك، فأقام بها يخطب بالسلطنة لنفسه.
وبقى السلطان قلج أرسلان يتردد في بلاده بين أولاده من ولد إلى ولد، ومن بلد إلى بلد، وكلما ضجر منه واحد منهم [٤١٥] ينتقل إلى آخر، حتى حصل عند ولده غياث الدين كيخسرو - صاحب برغلوا - فقوّى أباه، وأعطاه، وجمع له وحشد، وجاء معه إلى قونية، ودخلها وملكها ومضى به إلى أقصرا محاصرا لها، فامتنعت عليه، فجمع الأوجية (كذا؟) الأجناد، فاتفق أن السلطان عز الدين مرض ومات في التاريخ المذكور، فتركه ولده غياث الدين كيخسرو في محفة، وكتم أمره، وأظهر أنه منتقل لأجل المرض، ومضى يمشى قدام المحفة ليوهم الناس حياته، حتى أتى به قونية، فدخلها واستقل بقلعتها، واستحلف الأمراء والأعيان، ثم أظهر وفاة أبيه، وأنه ولى عهده، وقوى على أخيه قطب الدين ملكشاه، ثم أنه تغلب على غياث الدين كيخسرو، وأخيه ركن الدين سليمان، وأخذ منه قونية، وهرب غياث الدين إلى الشام مستجيرا بالملك الظاهر - صاحب حلب -.
ثم مات ركن الدين سنة ستمائة، وملك ولده قلج أرسلان، فرجع غياث الدين إلى البلاد كلها، واستقرت السلطنة ببلاد الروم للسلطان غياث الدين كيخسرو بن قلج أرسلان بن مسعود.
ثم توفى غياث الدين كيخسرو، وملك بعده ابنه عز الدين كيكاوس ابن كيخسرو، وسنذكر قصده لبلاد بنى أيوب وكسر السلطان الملك الأشرف ابن الملك العادل له.