للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القاضى:

فما مكنا أن ندخل في تجهيزه حبة واحدة إلا بالقرض، حتى في ثمن التبن الذى يلتّ به الطين، وغسّله الفقيه الدولعى - خطيب دمشق -، وأخرج بعد صلاة الظهر في تابوت مسجى بثوب فوط، وجميع ما احتاج إليه في تكفينه أحضره القاضى الفاضل من وجه حل عرفه، وصلى عليه الناس أرسالا، وأول من أمّ (١) بالناس قاضى القضاة محيى الدين بن زكى الدين، ثم أعيد - رحمه الله - إلى الدار التي في البستان التي كان متمرضا بها، ودفن بالصفّة القريبة منها، وكان نزوله إلى حفرته قريب صلاة العصر، ونزل في أثناء النهار ولده الملك الظافر خضر (٢) - المعروف بالمشمر - وهو شقيق الملك الأفضل، يعزى الناس، ويسكن قلوب الرعية.

واشتغل الأفضل بكتب الكتب إلى إخوته: الملك العزيز بمصر، وكذلك إلى الملك الظاهر - صاحب حلب -، وعمه الملك العادل - وكان بالكرك - يخبرهم بهذا الحادث.


(١) الأصل: «أقام»، والتصحيح عن: ابن شداد، والروضتين.
(٢) هو الملك الظافر خضر، لقبه مظفر الدين، وكنيته أبو الدوام، وأبو العباس، قيل له «المشمر» لأن أباه لما قسم البلاد بين أولاده الكبار، قال «وأنا مشمر» فغلب عليه هذا اللقب، ولد بالقاهرة في خامس شعبان سنة ٥٦٨ هـ‍، وهو شقيق الملك الأفضل، حج على تيماء سنة ٦١٠، فلما وصل إلى بدر وجد عسكر الملك الكامل قد سبقه خوفا منه على اليمن، وأمروه بالرجوع، فقال: «قد بقى بينى وبين مكة مسافة يسيرة، وو الله ما قصدى إلا الحج، فقيدونى حتى أقضى مناسكى وأعود، فلم يلتفتوا إليه، فأراد أن يقاتلهم فلم يكن له بهم طاقة، فعاد بلا حج، وتوفى في جمادى الأولى - أو الآخرة - سنة ٦٢٧ هـ‍ بحران عند ابن عمه الملك الأشرف موسى، ولم يكن وقتذاك ملكها، وإنما كان مجتازا لها عند دخوله بلاد الروم. انظر: (ابن خلكان: الوفيات، ج ٦، ص ٢٠٤ - ٢٠٦) و (الحنبلى: شفاء القلوب، ص ٧٣ أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>