كنت في خدمته بمرج عيون قبل خروج الفرنج إلى عكا - يسّر الله فتحها -، وكان من عادته أنه إذا نزل من الركوب يمد الطعام، ويأكل مع الناس، ثم ينهض إلى خيمة خاص له ينام فيها، ثم يستيقظ من منامه، [ويصلى](١) ويجلس خلوة، وأنا في خدمته، يقرأ شيئا من الحديث أو شيئا من الفقه، ولقد قرأ علىّ كتابا مختصرا لسليم الرازى، يشتمل على الأرباع الأربعة في الفقه.
ونزل يوما على عادته ومد الطعام بين يديه، ثم عزم على النهوض، فقيل له:
" إن وقت الصلاة قد قرب "، فعاد إلى الجلوس، وقال:
" نصلى وننام ".
ثم جلس يتحدث حديث متضجر، وقد أخلى المكان إلا عمن لزم، فتقدم إليه مملوك كبير محترم عنده، وعرض عليه قصة لبعض المجاهدين، فقال له:
" أنا الآن ضجر أخرها ساعة ".
(١) أضيف ما بين الحاصرتين عن: ابن شداد و (الروضتين، ج ٢، ص ٢٢٣).