للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من البعد أن تحتها خلقا كثيرا، وليس تحتها إلا واحد [يعدّ] (١) بخلق عظيم، وبقى في موضعه والعساكر على ظهور الخيل قبالة العدو إلى آخر النهار وإلى آخر الليل، ثم أمرهم أن يبيتوا على [مثل] (١) ما باتوا عليه بارحتهم، وبتنا على ما بتنا عليه إلى الصباح، وعاد العسكر إلى ما كان عليه بالأمس من مضايقة العدو.

قال:

ولقد رأيته وقد جاءه خبر [وفاة] (١) ولد له بالغ أو مراهق يسمى إسماعيل، فوقف على الكتاب، ولم يعرّف أحدا حتى سمعناه من غيره، ولم يظهر عليه شئ من ذلك، سوى أنه لما قرأه دمعت عيناه - رحمه الله -.

قال:

ولقد رأيته وقد وصله خبر وفاة، الملك المظفر تقى الدين - رحمه الله - ونحن في مقابلة الفرنج جريدة على الرملة، وفى كل ليلة تقع الصيحة فتقلع الخيام، ويقف الناس على ظهر إلى الصباح، والعدو يبارز (٢) وبيننا وبينهم شوط فرس لا غير، فأحضر الملك العادل، وسليمان بن جندر، وعز الدين ابن المقدم، وسابق الدين بن الداية، وأمر الناس فبعدوا عن الخيمة بحيث لم يبق حولنا أحد عن غلوة سهم، ثم أظهر الكتاب ووقف عليه، وبكى بكاء شديدا حتى أبكانا من غير أن نعلم السبب، ثم قال - رحمه الله - والعبرة تخنقه:

" توفى تقى الدين "، فاشتد بكاؤه، وبكى الجماعة، ثم عدت إلى نفسى، فقلت:

" استغفروا الله من هذه الحالة، وانظروا أين أنتم وفيم أنتم، واعرضوا عما سواه ".


(١) ما بين الحاصرتين عن (الروضتين، ج ٢، ص ٢٢٢).
(٢) الأصل: «يبارزوا».

<<  <  ج: ص:  >  >>