وكان حسن العقد والوفاء، وما أحضر بين يديه يتيم إلا وترحم على مخلفه، وجبر قلبه، وأعطاه خبز مخلفه، وإن كان له من أهله كبير يعتمد عليه سلّمه إليه، وإلا أبقى له من الخبز ما يكف حاجته، وسلمه إلى من يكفله، ويعتنى بتربيته.
قال عماد الدين الكاتب:
مات لموت السلطان الملك الناصر الرجال، وفات بفواته الأفضال، وغاضت الأيادى، وفاضت الأعادى، وانقطعت الأرزاق، وادلهمت الآفاق، وخاب الراجون، وعاب الملاحون، وطردت الضيوف، وأنكر المعروف، وفجع الزمان بواحده وسلطانه، ورزئ الإسلام بمشيد أركانه؛ كان - رحمه الله - حسن الأخلاق، طيب الأعراق، ضحوكا بمهابة، محوما بجلالة، يرشد إلى الهدى، ويهدى إلى الرشاد، معصب الكبائر، ولا يسامح بالصغائر، العاملون في عدله، والعالمون في فضله، والبلاد في أمنه، والعباد في منّه، والإسلام في حماية حميته، والدين في إدالة دولته.
ثم ذكر من هذا كثيرا، ولقد صدق في كل ما ذكر ووصفه به - رحمه الله [٤٣١] ومدّ روحه -