للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلله درّك حين قاتلت بخبرك قبل عسكرك، ونصرت بأثيرك قبل عشيرك، وأكرم بك من قادم خطواته مبروره، وسطواته للأعداء مبيرة، وكلّ يوم من أيامه يعد سيره، وإنك لمبعوث إلى بلاد أمير المؤمنين بعث السحاب المسخّر، ومقدّم في النيّة وإن كنت في الزمان المؤخر، وطالع بفئة الإسلام غير بعيد أن يفئ الله عليها بلاد الكفار، ورجال جهاد عددناهم عندنا من المصطفين الأخيار، وأبناء جلاد يشترون الجنة بعزائم كالنار، وغرر نصر سكون العدو بعدها غرور ونومه غرار.

ولما جرى من جرى ذكره على عادته في إيحاشك والإيحاش منك بكواذب الظنون، ورام رجعتك عن الحضرة وقد قرّت بك الدار وقرت بك العيون، وكان [٨٧] كما قال الله تعالى في كتابه المكنون: {" لَقَدِ اِبْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتّى جاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كارِهُونَ "} (١)، هنالك غضبت نفوس الإسلام ففتكت به أيديها، وكشفت له عن غطاء العواقب التي كانت منه مباديها، وأخذه من أخذه أليم شديد، وعدل فيه من قال {" وَما رَبُّكَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ "} (٢)، {" إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ "} (٣).

ولما نشرت لواء الإسلام وطواه، وعضدت الحقّ وأضعف قواه، وجنيت عقبى ما نويت وجنى عقبى ما نواه، وأبيت إلا إمضاء العزم في الشرك وما أمضاه، {" أَفَرَأَيْتَ مَنِ اِتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ "} (٤)، ودفعت الخطب الأشق، وطلعت أنوار النصر مشرقة بك وهل تطلع الأنوار إلا من الشرق؟ وقال لسان


(١) السورة ٩ (التوبة) الآية ٤٨ (م).
(٢) السورة ٤١ (فصلت)، الآية ٤٦ (ك).
(٣) السورة ٥٠ (ق)، الآية ٣٧ (ك).
(٤) السورة ٤٥ (الجاثية)، الآية ٢٣ (ك).

<<  <  ج: ص:  >  >>