للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما أفادته التجارب جملة، وأعانتك المحاسن التي هى فيك جلّة، وقلّب عليك إسناد الفتكات فتقلبت، وأوضح لك منهاج البركات فتقبلت؛ وسددك سهما، وجرّدك شهما، وانتضاك فارتضاك غربا، وآثرك على آثر ولده إمامة في التدبير وحربا، وكنت قى السلم لسانه الآخذ بمجامع القلوب، وفى الحرب سنانه النافذ في مضايق الخطوب، وساقته إذا طلب، وطليعته إذا طلب، وقلب جيشه إذا ثبت، وجناحه إذا وثب، ولا عذر لثبل نشأ في حجر أسد، ولا لهلال استملى النور من شمس واستمدّ.

هذا، ولو لم يكن لك هذا الإسناد في هذا الحديث، وهذا المسند الجامع من قديم الفخر وحديث، لأغنتك غريزة، وسجية سجية، وشمية وسمية، وخلائق فيها ما تحب الخلائق، ونحائز لم يحز مثلها حائز، ومحاسن ماؤها غير آسن، ومآثر جد غير عاثر، ومفاخر غفل عنها الأول، ليستأثر بها الآخر، وبراعة لسان، ينسجم قطارها، وشجاعة جنان، تضطرم نارها، وخلال جلال عليك شواهد أنوارها تتوضح، ومساعى مساعد لديك كمائم نورها تتفتح؛ فكيف وقد جمعت لك في المجد بين نفس وأب وعم، ووجب أن سألك من اصطفاء أمير المؤمنين ماذا حصل ثم على الخلق عمّ، فيومك واسطة في المجد بين غدك وأمسك، وكلّ ناد من أندية الفخار [٩٥] لك أن تقول فيه وعلى غيرك أن يمسك، فبشراك أنّ أنعم أمير المؤمنين موصولة منكم بوالد وولد، وأنّ شمس ملكه بكم كالشمس أقوى ما كانت في بيت الأسد.

ولما رأى الله تقلب وجه أمير المؤمنين في سمائه ولاّه من اختيارك قبله، وقامت حجته عند الله باستكفائك وزيرا له ووزرا للملة، فناجته مراشد الإلهام، وأضاعت له مقاصد لا تعقلها كلّ الأفهام؛ وعزم له على أن قلّدك تدبير مملكته الذى أعرقت في إرثه وأغرقت في كسبه، ومهّد لك أبعد غاية في الفخر بما يسّر لك من قربه.

<<  <  ج: ص:  >  >>