للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما صحّ الخبر، وكان حكم الله أولى ما أخذ به، وأدب الله أمضى فيمن خرج عن أدبه، وتناصرت من أهل العلم الفتاوى، وتوالت من أهل المشورة بسبب تأخير القتل فيهم المراجعات والشكاوى، قتل الله بسيف الشرع المطهر جماعة من الغوات والغلاة، الدعاة إلى النار، الحاملين لأثقالهم وأثقال من أضلوه من الفجّار، وشنقوا على أبواب قصورهم، وصلبوا على الجذوع المواجهة لدورهم، ووقع التتبع لأتباعهم، وشردت طائلة الإسماعيلية ونفوا، ونودى بأن يرحل كافة الأجناد، وحاشية القصر، وراجل السودان إلى أقصى بلاد الصعيد.

فأما من في القصر فقد وقعت الحوطة عليهم إلى أن ينكشف وجه رأى يمضى بينهم. ولا رأى فوق رأى المولى، والله سبحانه المستخار، وهو المستشار، وعنده من أهل العلم من تطيب النفس بتقليده، وتمضى الحدود بتحديده، ورأى المملوك إخراجهم من القصر فإنهم مهما بقوا فيه بقيت مادة لا تنحسم الأطماع عنها، فإنه حبالة للضلال منصوبة، وبيعة للبدع محجوبة.

ومما يطرف المولى به أن ثغر الاسكندرية - على عموم مذهب السنة فيه - أطلع البحث أنّ فيه داعية خبيثا أمره، محتقوا شخصه، عظيما كفره، يسمى قديد القفّاص، وأن المذكور مع خموله في الديار المصرية، قد فثت في الشام دعوته، وطبقت عقول أهل مصر فتنته، وأن أرباب المعايش فيه يحملون إليه جزءا من كسبهم، والنسوان يبعثن إليه شطرا وافيا من أموالهن، ووجدت في منزله بالاسكندرية عند القبض له والهجوم عليه كتبا مجردة، فيها خلع العذار، وصريح الكفر الذى ما عنه اعتذار، ورقاع يخاطب بها، فيها ما تقشعر منه الجلود: وبالجملة فقد كفى الإسلام أمره، وحاق به مكره، (٢٢٢) وصرعه كفره ".

<<  <  ج: ص:  >  >>