للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخيل تطرد، فكسر عسكر أتابك، وذلك يوم الاثنين السابع والعشرين من رجب سنة ست وعشرين وخمسمائة، فاستولى على كل ما فيه، وانهزم أتابك زنكى إلى الموصل، وذلك الإقدام العظيم كان سبب تلفه».

قلت: إن الخلفاء كان قد ضعف أمرهم من أيام المتقى بالله (١)، واستولت عليهم الملوك، خصوصا في أيام المستكفى بالله (٢)، فإن بنى بويه الديلم ملكوا العراق وغيرها من الممالك، وصارت الخلفاء تحت حجرهم، ثم ظهرت السلاطين السلجوقية، فتغلبوا أيضا وتحكموا، وهلم جرا إلى أيام المسترشد، فاتفق وقوع الخلف بين السلاطين السلجوقية، واغتنم ذلك الخليفة المسترشد، فكانت نفسه أبية، وشجاعته عظيمة، فجنّد الجنود، وباشر القتال بنفسه، وأدى ذلك إلى أن أسره السلطان مسعود، وقتل في معسكره - كما سنذكره إن شاء الله تعالى -.

وبويع ببغداد لولده الراشد، ووصل السلطان إلى بغداد، فهرب الراشد، وأقعد السلطان عمه المقتفى، وحكم عليه إلى أن مات السلطان مسعود، ثم بعد ذلك قوى المقتفى، وملك العراق، وقامت حشمة الدولة العباسية، واستمرت قوتها إلى أن زالت بالتتار الملاعين سنة ست وخمسين وستمائة، وللمسترشد بالله شعر يدل [٣٠] على قوة نفسه وبعد همته، وهو:

أنا الأشقر الموعود بى في الملاحم ... ومن يملك الدّنيا بغير مزاحم

ستبلغ أرض الرّوم خيلى وتنتهى (٣) ... بأقصى (٤) بلاد الصّين بيض صوارمى


(١) حكم بين سنتى ٣٢٩ و ٣٣٣ (٩٤٠ - ٩٤٤).
(٢) ولى بعده من ٣٣٣ إلى ٣٣٤ (٩٤٤ - ٩٤٦).
(٣) في (السيوطى، تاريخ الخلفاء، ص ٢٨٧): «وتنتضى».
(٤) في الأصل: «بأقصا».

<<  <  ج: ص:  >  >>