للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعاده إلى كنجة (١)، وأجلس ابن أخيه السلطان طغرل بن محمد في السلطنة، وأمر بالخطبة له في جميع البلاد، وكانت هذه الوقعة في ثامن رجب سنة ست وعشرين وخمسمائة.

ثم عاد السلطان سنجر إلى نيسابور، وكان السلطان سنجر قد كاتب الأمير عماد الدين ودبيس بن صدقة، وأمرهما بقصد العراق، فقصدا بغداد، وبلغ الخليفة المسترشد ذلك، فأسرع العود إليهما، وعبر إلى الجانب الغربى، وسار فنزل بالعباسية ونزل عماد الدين زنكى بالمنارية من دجيل، ثم التقيا في السابع والعشرين من رجب بمكان يقال له عقرقوف (٢)، واقتتلوا قتالا كبيرا، فحمل الأمير عماد الدين على ميمنة الخليفة، - وفيها جمال الدين (٣) إقبال - فانهزموا، وحمل نظر الخادم - وكان في ميسرة الخليفة - على [ميمنة] (٤) عماد الدين ودبيس، وحمل [٢٩] الخليفة بنفسه، واشتد القتال، فانهزم دبيس، ورأى الأمير عماد الدين تفرق الناس عنه، فانهزم، وقتل من العسكر جماعة، وأسر جماعة، وبات هناك الخليفة ليلة، وعاد إلى بغداد.

حكى الأمير مؤيد الدولة أسامة بن مرشد بن على بن منقز في كتاب ألفه، وذكر فيه شهامة الخليفة المسترشد بالله وشجاعته، قال: «كان الإمام المسترشد بالله يلحق بالصدر الأول من سلفه في علو الهمة، وحسن السياسة، والإقدام العظيم، فإنه لما التقى هو وعماد الدين زنكى بن آق سنقر في المصاف بعقرقوف وأنا حاضر المصاف، ضرب له خيمة أطلس أسود، ووضع له فيها تخت، وجلس عليه،


(١) عرفها (ياقوت) بأنها مدينة عظيمة وهى قصبة بلاد أرّان، وهى من نواحى لرستان بين خوزستان وأصبهان، وأهل الأدب يسمونها جنزة.
(٢) قرية من قرى دجيل بينها وبين بغداد أربعة فراسخ (ياقوت). والذى ذكره (ابن الأثير، ج ١٠، ص ٢٨٩) أنهما التقيا بحصن البرامكة. أنظر خريطة العراق الحديث
(٣) في ابن الأثير: «جمال الدولة».
(٤) ما بين الحاصرتين عن ابن الأثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>