" وكان باليمن ما علم من أمر ابن مهدى الضال الملحد، المبدع المتمرد، وله آثار في الإسلام وثار، طالبه النبى صلى الله عليه وسلم، لأنه سبى الشرائف الصالحات وباعهن بالثمن البخس، واستباح منهن كل مالا يقر لمسلم عليه نفس، ودان ببدعه ودعا إلى قبر أبيه وسماه كعبة، وأخذ أموال الرعايا المعصومة وأجاحها، وأحلّ الفروج المحرمة وأباحها، فأنهضنا اليه أخانا بعسكرنا بعد أن تكلفنا له نفقات واسعة، وأسلحة رائعة، وسار فأخذناه ولله الحمد، وأنجز الله فيه القصد، والكلمة هنالك بمشيئة الله إلى الهند سامية، وإلى ما يفتضّ الإسلام عذرته متمادية.
ولنا في الغرب أثر أغرب، وفى أعماله أعمال دون مطلبها مهالك، كما يكون المهلك دون المطلب، وذلك أن بنى عبد المؤمن قد اشتهر أن أمرهم قد أمّر، وملكهم قد عمّر، وجيوشهم لا تطاق، وأمرهم لا يشاق، ونحن بحمد الله قد تملكنا مما يجاورنا منه بلادا تزيد مسافتها على شهر، وسيرنا إليها عسكرا بعد عسكر، فرجع بنصر بعد نصر، ومن البلاد المشاهير والأقاليم الجماهير: برقة، قفصة، قسطيلية، توزر، كل هذا تقام فيها الخطبة لمولانا الامام المستضئ بأمر الله أمير المؤمنين، سلام الله عليه، ولا عهد للإسلام بإقامتها وينفذ فيها الأحكام بعلمها المنصور وعلامتها.
وفى هذه السنة كان عندنا وفد قد شاهده وفود الأمصار، ورموه بأسماع وأبصار، مقداره سبعون راكبا، كلهم يطلب لسلطان بلده تقليدا، ويرجو منا وعدا ويخاف وعيدا، وقد صدرت عنا بحمد الله تقاليدها، وألقيت الينا مقاليدها، وسيرنا الخلع والمناشير والألويه بما فيها من الأوامر والأقضية.
فأما الأعداء المحدقون بهذه البلاد، والكفار الذين يقاتلوننا بالممالك العظام والعزائم الشداد، فمنهم صاحب قسطنطينية وهو الطاغية الأكبر، والجالوت الأكفر، وصاحب [٢٤٣] المملكة التي أكلت على الدهر وشربت، وقائم