العساكر إذا طالت ذيولها، وكثرت جموعها، خرج منها وانضاف إليها، فلا يظهر مزيدها ولا نقصها، ولا كان هذا المملوكان ممن إذا غاب أحضر، ولا ممن إذا فقد افتقد، ولا يقدّر في مثلهما أنه ممن يستطيع نكاية، ولا يأتى بما يوجب شكوى من جناية، ومعاذ الله أن نأمر مفسدا بأن يفسد في الأرض، إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت.
وإن سئل عن النوبة المصرية، وما فعل بجندها، فيعلمهم الأمير أن القوم راسلوا الكفار، وأطمعوهم في تسليم الديار، فأشفى الإسلام على أمر شديد، وكاد يقرب على الكفر كل أمر بعيد، فلم يعاقب الجيش بل أعيان المفسدين فقوبلوا بما يجب، وكانوا دعاة كفر وضلال، ومحاربين لله بما سعوا في الأرض من فساد.
فأما بقية الجيش وإن كان منهم من هو تبع للمذكورين في الرضا، فإنهم اقتصر نهم على ألا يكونوا جندا، ومنهم من أجريت عليه أرزاق تبلغه، وشملته آمنة تسكنه.
وأما الهدية المسيّرة على يد الأمير فتفصيلها يرد في كتاب الأمير الأجل، الاسفهسلار، العالم الكبير، مجد الدين، سيف الدولة - أدام الله علوه - مقرونا بالهدية المذكورة.
ومع قرب الشتاء فلم يبق إلا الاستخارة والتسمية، ومبادرة الوقت قبل أن يغلق البحر انفتاح الأشتية.