وتذكر أنّ الله قصم طاغية الألمان وأخذه أخذة فرعونية بالإغراق، في نهر الدنيا الذى هو طريقه إلى الإحراق في نار الآخرة، وأن هذا العدو لو أرسل الله عليه أسطولا قويا مستعدا يقطع بحره ويمنع ملكه، لأخذنا العدو إما بالجوع والحصر، أو برز فأخذناه بيد الله تعالى التي بها النصر.
فإن كانت الأساطيل بالجانب المغربى ميسرة، والعدة منها متوفرة، والرجال في اللقاء فارهة، وللمسير غير كارهة، فالبدار البدار، وأنت أيها الأمير فيها أول من استخار الله وسار.
وإن كانت دون الأسطول موانع: إما من قلة عدة، أو من شغل هناك بمهمة، أو بمباشرة عدو ما تحصن منه العورة، أو قد لاحت منه الفرصة؛ فالمعونة ما طريقها واحدة، ولا سبيلها مسدودة، ولا أنواعها محصورة، تكون تارة بالرجال، وتارة بالمال.
وما رأينا أهلا لخطابنا، ولا كفؤا لإنجادنا، ولا محقوقا بدعوتنا، ولا ملبيا بنصرتنا، إلا ذلك الجناب، فلم ندعه إلا لواجب عليه، وإلى ما هو مستقل به ومطيق له، فقد كانت تتوقع منه همة تقد في الغرب نارها، ويستطير في الشرق سناها، وتغرس في العدوة القصوى شجرتها، فينال من في العدوة الدنيا جناها، فلا ترضى همته أن يعين الكفر الكفر، ولا يعين الإسلام الإسلام، وما اختص بالاستعانة إلا لأن العدو جاره، والجار أقدر على الجار، وأهل الجنة أولى بقتال أهل النار، ولأنه بحر والنجدة بحريّة، ولا غرو أن يجيش البحار البحار.
وإن سئل عن المملوكين: يوزبا وقراقوش، وذكر ما فعلا في أطراف المغرب بمن معهما من نفايات الرجال، الذين نفتهم مقامات القتال، فيعلمهم أن المملوكين ومن معهما ليسوا من وجوه المماليك والأمراء، ولا من المعدودين في الطواشية والأولياء، وإنما كسدت سوقهما، وتبعتهما ألفاف أمثالهما، والعادة جارية أن