للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجلالة، وأصل الإصالة، ورأس الرياسة، ونفس النفاسة، وحكم الحكم، وعلم العلم، وقائم الدين وقيّمه، ومقدم الإسلام ومقدمه، ومقتضى دين الدين، ومثبت المتقين على اليقين، ومعلى الموحدين على الملحدين أدام الله له النصرة، وجهز به تيسير العسرة، وردّ له الكرة، وبسط له باع القدرة، وأوثق به حبل الالفة، ومهّد له درجات الغرفة، وعرّفه في كل ما يعتزمه صنعا جزيلا جميلا، ولطفا حفيّا جليلا، ويسّر عليه في سبيله كلّ ما هو أشدّ وطأ وأقوم قيلا.

تحية أستنير منها الكتاب، وأستنيب عنها الجواب، وقد حفز لها حافزان:

أحدهما شوق قديم كان مطل غريمه ممكنا إلى أن تتيسر الأسباب، والآخر مرام عظيم ماكره إذا استفتحت به الأبواب؛ وكان وقت المواصلة، وموسم المكاتبة هناؤه بفتح المقدس، وسكون الإسلام منه إلى المقيل والمعرّس، وما فتح الله للإسلام من الثغور، وما شرح لأهله من الصدور، وما أنزله عليهم من النور، ولم يخل المسلمون فيه من دعوات أسرار ذلك الصدر، وملاحظات أنوار ذلك البدر، ومطالعات تلك الجهة، التي هى وإن كانت غربية فإن الغرب مستودع الأنوار، وكنز دينار الشمس ومصب أنهار النهار، ومن جانبه يأتى سكون الليل ومستروح الأسرار، وعنه يقلب الله الليل والنهار، إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار، ولم تتأخر المكاتبة إلا ليتم الله ما بدأ من فضله، وليفتح بقية ما لم ينقطع بتقطع يد الشرك من حبله.

والمفتتح بيد الله من الشام: مدن وأمصار، وبلاد كبار وصغار، وثغور وقلاع كانت للشرك معاقل، وللإسلام معاقر، ولبنى الكفر مصانع، ولبنى الإسلام مصارع؛ والباقى بيد الكفر منها: ثغرا طرابلس وصور، ومدينة أنطاكية - يسّر الله أمرها، وفك من يد الكفر أسرها - وإذا أمّن المؤمن على هذه الدعوة رجا إيجابها، وما يتأخر من الله سبحانه جوابها، فالدعاء أحد السلاحين، ومع النية يطير إلى وكره من السماء بجناحين، بعد أن كسر العدو

<<  <  ج: ص:  >  >>