وأما هذا الأمر فهو أيسر من أن يؤخذ عليه خاتم، - والذى رسم به فأنا مشدود الوسط فيه، والمولى لا يشكرنى على هذا، فإنى أفعله خدمة لوالده الذى أنا في خدمته، إذ هو مراده، ولو أراد غيره لا تّبعته ولم يبد منى إلا ما يوافق غرضه والمصلحة له ولدولته، وأنا أشكر الله تعالى حيث كانت إرادة والده موافقة لإرادته، فإذا خدمت خدمة وافقت الغرضين، وأما ما وعدته من إنعام وزيادة فليس لى رغبة في شىء منه، فإن لى من نعمته ما يفضل عنى».
ثم ركب مجد الدين من وقته، واجتمع بمجاهد الدين قايماز بالقلعة فرآه مفكرا، وشكا إليه مجاهد الدين وقال:
«هذا شرف الدين يريد الملك لنفسه، والمولى عزّ الدين يريده لولده، والملك العادل بنصيبين، والفتنة قد رفعت رأسها».
وبينما هما في الحديث، وإذا رسول قد جاء من عند عز الدين يقول لمجاهد الدين:
«قد ضجرت مما أقول لك في تحليف الناس لولدى، وأنت تهمل الأمر، والعدو بالقرب منكم، وأنتم بغير سلطان، وأنا (١) فما أظن أنى أعيش يوما آخر، فما تنتظر؟».
فضجر مجاهد الدين، وأعاد ما كان يقول لمجد الدين، فقال له مجد الدين:
«أنت تفعل هذا بنفسك والدولة معك، ولو شئت لم يكن منه شىء؛ والرأى أن تأمر بإحضار الأمراء وأرباب المناصب والمقدمين وأعيان البلد وتحلفهم لولده كما يريد، ومهما بقينا على هذه الحال وليس لنا سلطان لا نزال في صداع مع شرف الدين».