للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالوا للملك العزيز:

«أحضر كاتبك وعيّن ما تلتمسه من الشروط».

فأشار إلىّ الملك العزيز وقال:

«هذا كاتب البيت ويمين الدولة، وبقلمه يتسدد (١) هذا الخلل».

فعلمت أن ذلك يصعب على الملك الأفضل، ويعتب علىّ بسببه، ولم يمكن رد كرامة الملك العزيز، فأثبتّ جميع ما أملاه واشترطه؛ ولما خرجنا من عنده، ردّنى إليه وأجلسنى وآنسنى بالحديث، فرددت معى تاج الدين الكندى، فأجلسته عنده معى لئلا أتفرّد بالخلوة معه، فتظنّ بى الظنون، ويبتذل عند الملك الأفضل قدرى المصون، ولم يزل الملك العزيز معنا في المفاوضة حتى قربت العشاء، وأبطأنا عن الرسل، وقالوا:

«ما هذا بخبر (٢) صحيح، وما هذا إلا خبط، أحضرنا هؤلاء الشهود معنا على العهد وهم فروع فصاروا أصولا، واستجدوا علينا الفضول فصولا (٣)».

قال: «فخرجنا إليهم فوجدناهم يرجمون بنا الظنون، فاجتمعنا معهم على المشاورة»

فقالوا: «لا يمكننا القعود ولا بد من سرعة العود».

فعدنا إلى دمشق، فوصلناها بكرة الأحد والجماعة منتظرون لنا، فأنهينا القصة، وأعلمنا الملك الأفضل بانفرادنا بالملك العزيز، فأهمّه ذلك ولم يعجبه، وقال: «ربما ظنّ الملك العادل أن لى مقصودا باطنا ينافى مقصوده، وإنى إنما أرسلتكم إلى الملك العزيز برسالة باطنة تخالف الظاهر».

ثم اجتمع بالملك العادل، ونفى عنه الريبة، وأطلعه على الصورة. ونفّذ الملك العزيز أمناءه وأمراءه ليتولوا إنشاء العهد».


(١) (ك): «ينسد».
(٢) الأصل: «الخبر»، والتصحيح عن (ك، ص ٤٤٠).
(٣) الأصل: «للفضول فضولا» والتصحيح عن (ك).

<<  <  ج: ص:  >  >>