أن الأمر إنما انتقض في شوال من هذه السنة، وذكر أن السبب في ذلك أن الملك العادل أحضر جماعة من الأمراء (٣٢ ا) ممن يعلم ميلهم إليه، وقال:
«إنه قبيح بى أن أكون أتابكا لصبى مع الشيخوخة والتقدم، مع أن الملك ليس هو بالميراث، وإنما هو لمن غلب، ولقد كان يجب أن أكون بعد أخى السلطان الملك الناصر - رحمه الله - صاحب الأمر، غير أنى تركت ذلك إكراما لأخى ورعاية لحقه.
فلما حصل من الاختلاف ما حصل خفت أن يخرج الملك من يدى ويد أولاد أخى، فمشّيت الأمر إلى آخره، فلم أر الأمر يصلح إلا بقيامى فيه، ونهوضى بأعبائه.
ولما ملكت هذا البلد وطنّت نفسى على القيام بأتابكية هذا الصبى حتى يبلغ أشدّه، فرأيت العصبيات غير (١) مقلعة، والفتن ليست زائلة، فخشيت أن يطرأ علىّ ما طرأ على الأفضل، ولا آمن أن يجتمع جماعة ويطلبون إقامة آخر، وما أعلم ما يكون عاقبة ذلك.
وأنا أرى أن هذا الصبى يمضى إلى الكتّاب، وأقيم له من يؤدبه ويعلّمه؛ فإذا بلغ أشده نظرت في أمره وقمت بمصالحه».
وقيل إن السبب في ذلك أن الأسدية لما رأوا الصلاحية قد قاموا مع الملك العادل حتى أدخلوه مصر، وأخرجوا منها الأفضل، خافوا استيلاءهم على الأمر،