فحسنّوا للملك العادل الاستقلال بالأمر وعزل الملك المنصور، تقربا إليه، وحلفوا له على ذلك.
فلما بلغ ذلك الصلاحية نفروا منه وأنكروه، واجتمع بعضهم ببعض، وعزموا على القيام على الملك العادل، وطلبوا من الأسدية موافقتهم على ذلك فلم يفعلوا.
واستتب أمر الملك العادل، وحلف الجميع له.
وكان ضياء الدين بن الأثير وزير الملك الأفضل قد اتصل بالملك الأفضل لمّا تمكّن أمره، فلما ملك الملك العادل مصر ركب نجيبا، وهرب خوفا على نفسه من الملك العادل.
ووقفت على رسالة له إلى بعض إخوانه من جملتها:
. . . ثم أقمنا بعد ذلك في حصار دمشق في حروب قائمة وغرامات لازمة، حتى استنفدت قوى النفوس والأجسام، ولم نحظ منها إلا بطول المقام، وسرنا عنها إلى الديار المصرية والعساكر برمتها، والمهابة باقية على حرمتها، وتركنا من بها في بادى الضعف مغضوض الطرف، لا يخشى منه عادية (٣٢ ب) بعد استحصاره، ولا يرجى له خروج من وراء جداره، فوثب على خلعه، وتبعنا على قلة تبّعه، فصادف العسكر قد تفرقت في بلاده، والملك قد أمكن من قياده، فأقدم وما تردد، وفوّق سهم كيده وسدّد، ولقد ركب خطرا لا يسلم راكبه، وإن سلم لم تسلم له مطالبه، إلا أنه تهيأ له من صنع القدر، ما لم يكن في وسع البشر، فواتاه الزمان مبادرا، وكان محصورا فأصبح حاصرا».
ولما استقر الملك بمصر الملك العادل استدعى أبنه الملك الكامل ناصر الدين محمدا من الشرق، وجعله نائبا عنه بالديار المصرية، وجعل خبزه الأعمال